نام کتاب : الأسماء الثلاثة نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 39
ولم يكن آدم فحسب هو المسجود له بأمره سبحانه ، بل يوسف الصديق كان نظيره ، فقد سجد له أبواه وإخوته ، وتحقق تأويل رؤياه بنفس ذلك العمل ، قال سبحانه حاكيا عن لسان يوسف : * ( إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ) * ( يوسف / 4 ) . كما يحكي تحققه بقوله سبحانه : * ( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ) * ( يوسف / 100 ) ومعه كيف يصح تفسير العبادة بالخضوع أو نهايته . إنه سبحانه أمر جميع المسلمين بالطواف بالبيت ، الذي ليس هو إلا حجرا وطينا ، كما أمر بالسعي بين الصفا والمروة ، قال سبحانه : * ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) * ( الحج / 29 ) وقال سبحانه : * ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) * ( البقرة / 158 ) . فهل ترى أن الطواف حول التراب والجبال والحجر عبادة لهذه الأشياء بحجة أنه خضوع لها ؟ ! إن شعار المسلم الواقعي هو التذلل للمؤمن والتعزز على الكافر ، قال سبحانه : * ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) * ( المائدة / 54 ) . فمجموع هذه الآيات وجميع مناسك الحج ، يدلان بوضوح على أن مطلق الخضوع والتذلل ليس عبادة . وإذا فسرها أئمة اللغة بالخضوع والتذلل ، فقد فسروها بالمعنى الأوسع ، فلا محيص حينئذ عن القول بأن العبادة ليست إلا نوعا خاصا من الخضوع . وإن سميت في بعض الموارد مطلق الخضوع عبادة ، فإنما سميت من باب المبالغة والمجاز ، يقول سبحانه : * ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ) * ( الفرقان / 43 ) فكما أن إطلاق اسم الإله على الهوى مجاز فكذا تسمية متابعة الهوى عبادة له ، ضرب من المجاز .
39
نام کتاب : الأسماء الثلاثة نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 39