دوني طرفها [1] ، فلا دافع ولا مانع ، خرجت كاظمة ، وعدت راغمة [2] ، أضرعت خدك [3] يوم أضعت حدك [4] ، افترست الذئاب ، افترشت التراب [5] ، ما كففت قائلا ، ولا أغنيت باطلا [6] ، ولا خيار لي . ليتني مت قبل هنيتي [7] ودون زلتي [8] . عذيري الله منك عاديا ومنك حاميا [9] .
[1] الطرف ، بالفتح : العين . وغضه : حفظه . [2] في رواية السيد بعد قولها " ولا مانع ولا ناصر ولا شافع " : " خرجت كاظمة ، وعدت راغمة " ، كظم الغيظ : تجرعه والصبر عليه . ورغم فلان ، بالفتح : إذا ذل وعجز عن الانتصاف ممن ظلمه . والظاهر من الخروج ، الخروج من البيت وهو لا يناسب " كاظمة " إلا أن يراد بها الامتلاء من الغيظ فإنه من لوازم الكظم . ويحتمل أن يكون المراد الخروج من المسجد المعبر عنه ثانيا بالعود ، كما قيل في رواية السيد مكان " عدت " " رجعت " . [3] ضرع الرجل ، مثلثة : خضع وذل . وأضرعه غيره . وإسناد الضراعة إلى الخد ، لأنه أظهر أفرادها وضع الخد على التراب ، أو لأن الذل يظهر في الوجه . [4] إضاعة الشئ وتضييعه : إهماله وإهلاكه . وحد الرجل ، بالحاء المهملة : بأسه وبطشه . وفي بعض النسخ بالجيم ، أي تركت اهتمامك وسعيك . وفي رواية السيد : " فقد أضعت جدك يوم أصرعت خدك " . [5] فرس الأسد فريسته - كضرب - وافترستها : دق عنقها ، ويستعمل في كل قتل . ويمكن أن يقرأ بصيغة الغايب ، فالذئاب مرفوع ، والمعنى : قعدت عن طلب الخلافة ولزمت الأرض مع أنك أسد الله والخلافة كانت فريستك ، حتى افترسها وأخذها الذئب الغاصب لها . ويحتمل أن يكون بصيغة الخطاب ، أي كنت تفترس الذئاب واليوم افترشت التراب . وفي بعض النسخ : " الذباب " بالبائين الموحدتين ، جمع ذبابة ، فيتعين الأول . وفي بعضها : " افترست الذئاب ، وافترسك الذئاب " . وفي رواية السيد مكانهما : " وتوسدت الوراء كالوزع ، ومستك الهناة والنزع " ، والوراء بمعنى خلف والهناة : الشدة والفتنة . والنزع : الطعن والفساد . [6] الكف : المنع . والإغناء : الصرف والكف ، يقال : اغن عني شرك ، أي اصرفه وكفه و " و " به فسر قوله سبحانه : " إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا " وفي رواية السيد : " ولا أغنيت طائلا " وهو أظهر . قال الجوهري : " يقال : هذا أمر لا طائل فيه ، إذا لم يكن فيه غناء ومزية " انتهى . فالمراد بالغناء : النفع ، ويقال : ما يغني عنك هذا ، أي ما يجديك وما ينفعك . [7] الهنية بالفتح : العادة في الرفق والسكون ، ويقال : امش على هنيتك ، أي على رسلك ، أي ليتني مت قبل هذا اليوم الذي لا بد لي من الصبر على ظلمهم ولا محيص لي عن الرفق . [8] الزلة ، بفتح الزاي كما في النسخ : الاسم من قولك : زللت في طين أو منطق ، إذا زلقت ، ويكون بمعنى السقطة ، والمراد بها عدم القدرة على دفع الظلم ، ولو كانت الكلمة بالذال المعجمة كان أظهر وأوضح كما في رواية السيد ، فإن فيها : " والهفتاه ! ليتني مت قبل ذلتي ودون هنيتي " . [9] العذير بمعنى العاذر كالسميع ، أو بمعنى العذر كالأليم . وقولها " منك " أي من أجل الإساءة إليك وإيذائك . و " عذيري الله " مرفوعان بالابتدائية والخبرية . و " عاديا " أما من قولهم : عدوت فلانا عن الأمر أي صرفته عنه ، أو من العدوان بمعنى تجاوز الحد ، وهو حال عن ضمير المخاطب ، أي الله يقيم العذر من قبلي في إساءتي إليك حال صرفك المكاره ودفعك الظلم عني ، أو حال تجاوزك الحد في القعود عن نصري ، أي عذري في سوء الأدب إنك قصرت في إعانتي والذب عني . والحماية عن الرجل : الدفع عنه . ويحتمل أن يكون " عذيري " منصوبا كما هو الشايع في هذه الكلمة ، و " الله " مجرورا بالقسم ، يقال : عذيرك من فلان أي هات من يعذرك فيه . ومنه قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حين نظر إلى ابن ملجم - لعنه الله - : " عذيرك من حليلك من مراد " . والأول أظهر .