وقعدت حجرة الظنين [1] ! نقضت قادمة الأجدل [2] ، فخانك ريش الأعزل [3] ، هذا ابن أبي قحافة [4] يبتزني نحيلة أبي وبلغة ابني [5] ، لقد أجهر في خصامي [6] ، وألفيته ألد في كلامي [7] ، حتى حبستني قيلة نصرها ، والمهاجرة وصلها [8] ، وغضت الجماعة
[1] الحجرة ، بالضم : حظيرة الإبل ، ومنه حجرة الدار . والظنين : المتهم ، والمعنى : اختفيت عن الناس الجنين ، وقعدت عن طلب الحق ونزلت منزلة الخائف المتهم . وفي رواية السيد : " الحجزة " بالزاء المعجمة . وفي بعض النسخ : " قعدت حجزة الظنين " . وقال في النهاية : " الحجزة : موضع شد الإزار ، ثم قيل للإزار حجزة ، للمجاورة " . وفي القاموس : " الحجزة ، بالضم : معقد الإزار ، ومن الفرس : مركب مؤخر الصفات بالحقو . " وقال : " شدة الحجزة كناية عن الصبر " . [2] قوادم الطير : مقاديم ريشه ، وهي عشر في كل جناح ، واحدتها : قادمة . والأجدل : الصقر . [3] الأعزل الذي لا سلاح معه . قيل : لعلها - صلوات الله عليها - شبهت الصقر الذي نقضت قوادمه . بمن لا سلاح له . والمعنى : تركت طلب الخلافة في أول الأمر قبل أن يتمكنوا منها ويشيدوا أركانها ، وظننت أن الناس لا يرون غيرك أهلا للخلافة ، ولا يقدمون عليك أحدا ، فكنت كمن يتوقع الطيران من صقر منقوضة القوادم . أقول : يحتمل أن يكون المراد أنك نازلت الأبطال ، وخضت الأهوال ، ولم تبال بكثرة الرجال حتى نقضت شوكتهم ، واليوم غلبت من هؤلاء الضعفاء والأرذال ، وسلمت لهم الأمر ولا تنازعهم . وعلى هذا ، الأظهر أنه كان في الأصل " خاتك " بالتاء المثناة الفوقانية فصحف . قال الجوهري : " خات البازي واختات ، أي انقض ليأخذه " وقال الشاعر : " يخوتون أخرى القوم خوت الأجادل " . والخائتة : العقاب إذا انقضت فسمعت صوت انقضاضها . والخوات : دوي جناح العقاب . والخوات ، بالتشديد : " الرجل الجرئ " . وفي رواية السيد : " نفضت " بالفاء ، وهو يؤيد المعنى الأول . [4] قحافة بضم القاف وتخفيف المهملة . [5] الابتزاز : الاستلاب وأخذ الشئ بقهر وغلبة ، من البز بمعنى السلب . والنحلة : فعيلة مفعول ، من النحلة - بالكسر - بمعنى الهبة والعطية عن طيبة نفس من غير مطالبة أو من غير عوض . والبلغة ، بالضم : ما يتبلغ به من العيش يكتفي به . وفي أكثر النسخ : " بليغة " بالتصغير ، فالتصغير في النحيلة أيضا أنسب . وابني إما بتخفيف الياء ، فالمراد به الجنس ، أو تشديدها على التثنية . [6] إجهاز الشئ : إعلانه . والخصام : مصدر كالمخاصمة ، ويحتمل أن يكون جمع خصم ، أي أجهر العداوة أو الكلام لي بين الخصام ، والأول أظهر . [7] " ألفيته " أي وجدته . والألد : شديد الخصومة ، وليس فعلا ماضيا ، فإن فعله علي بناء المجرد . * والإضافة في " كلامي " أما من قبيل الإضافة إلى المخاطب أو إلى المتكلم . و " في " للظرفية أو السببية . وفي رواية السيد " هذا بني أبي قحافة - إلى قوله - لقد أجهد في ظلامتي ، وألد في خصامتي " . قال الجزري : " يقال جهد الرجل في الأمر ، إذا جد وبالغ فيه . واجهد دابته ، إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها " . * قد أتى فعله علي بناء الأفعال أيضا كما في القاموس وغيره . [8] قيلة ، بالفتح : اسم أم قديمة لقبيلتي الأنصار ، والمراد بنو قيلة . وفي رواية السيد : " حين منعتني الأنصار نصرها " وموصوف المهاجرة الطائفة أو نحوها . والمراد بوصلها عونها .