أبدت رجال لنا نجوى صدورهم * لما مضيت وحالت دونك الترب [1] تجهمتنا رجال واستخف بنا * لما فقدت وكل الأرض مغتصب [2] وكنت بدرا وقورا يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب وكان جبريل بالآيات يؤنسنا * فقد فقدت فكل الخير محتجب [3] فليت قبلك كان الموت صادفنا * لما مضيت وحالت دونك الكثب [4] إنا رزئنا بما لم يرز ذو شجن * من البرية لا عجم ولا عرب [5] ثم انكفأت ( عليها السلام ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) يتوقع رجوعها إليه ، ويتطلع طلوعها عليه [6] . فلما استقرت بها الدار [7] قالت لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : يا بن أبي طالب ! اشتملت شملة الجنين [8] ،
[1] بدا الأمر بدوا : ظهر ، وأبداه : أظهر . والنجوى : الاسم من نجوته . إذا ساررته ، ونجوى صدورهم : ما أضمروه في نفوسهم من العداوة ولم يتمكنوا من إظهاره في حياته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وفي بعض النسخ : " فحوى صدورهم " ، وفحوى القول : معناه ، المآل واحد . وقال الفيروزآبادي : " الترب والتراب ، معروف . وجمع التراب : أتربة وتربان ، ولم يسمع لسايرها بجمع " انتهى . فيمكن أن يكون بصيغة المفرد ، والتأنيث بتأويل الأرض ، كما قيل ، والأظهر أنه بضم التاء وفتح الراء : جمع تربة ، قال في مصباح اللغة : " التربة : المقبرة ، والجمع : ترب ، مثل غرفة وغرف " . وحال الشئ بيني وبينك أي منعني من الوصول إليك ، ودون الشئ : قريب منه ، يقال : دون النهر جماعة ، أي قبل أن تصل إليه . [2] التهجم : الاستقبال بالوجه الكريه ، والمغتصب علي بناء المفعول : المغصوب . [3] المحتجب علي بناء الفاعل . [4] صادفه : وجده ولقيه . والكثب ، بضمتين : جمع كثيب وهو التل من الرمل . [5] الرزء ، بالضم مهموزا : المصيبة بفقد الأعزة ، ورزينا علي بناء المجهول ، والشجن بالتحريك : الحزن . وفي القاموس : " العجم ، بالضم وبالتحريك ، خلاف العرب " . أقول : وجدت في نسخة قديمة لكشف الغمة منقولة من خط المصنف مكتوبا على هامشها بعد إيراد خطبتها - صلوات الله عليها - ما هذا لفظه : وجد بخط السيد المرتضى علم الهدى الموسوي - قدس الله روحه - أنه لما خرجت فاطمة عليها السلام من عند أبي بكر ردها عن فدك استقبلها أمير المؤمنين عليه السلام فجعلت تعنفه ثم قالت : اشتملت إلى آخر كلامها عليها السلام . [6] الانكفاء : الرجوع . وتوقعت الشئ واستوقعته ، أي انتظرت وقوعه . وطلعت على القوم : أتيتهم . وتطلع الطلوع . انتظاره . [7] أي سكنت كأنها اضطربت وتحركت لخروجها ، أو على سبيل القلب ، وهذا شايع ، يقال : استقرت نوى القوم واستقرت بهم النوى ، أي أقاموا . [8] اشتمل بالثوب أي أداره على جسده كله . والشملة ، بالفتح : كساء يشتمل به . والشملة ، بالكسر : هيئة الاشتمال ، فالشملة إما مفعول مطلق من غير الباب كقوله تعالى : " نباتا " ، أو في الكلام حذف وإيصال . وفي رواية السيد : " مشية الجنين " وهي محل الولد في الرحم ، ولعله أظهر . والجنين : الولد ما دام في البطن .