أستبد [1] بما كان الرأي فيه عندي . وهذه حالي ، ومالي هي لك وبين يديك ، لا نزوي عنك [2] ولا ندخر دونك ، وأنت سيدة أمة أبيك ، والشجرة الطيبة لبنيك ، لا يدفع ما لك من فضلك ، ولا يوضع من فرعك وأصلك ، [3] حكمك نافذ فيما ملكت يدأي ، فهل ترين [4] أن أخالف في ذلك أباك صلى الله عليه وآله ؟ فقالت ( عليها السلام ) : سبحان الله ! ما كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن كتاب الله صادفا [5] ، ولا لأحكامه مخالفا ، بل كان يتبع أثره [6] ، ويقفو سوره [7] ، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالا عليه بالزور [8] ، وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته [9] . هذا كتاب الله حكما عدلا ، وناطقا فصلا ، يقول : " يرثني ويرث من آل يعقوب " ، " وورث سليمان داود " فبين عز وجل فيما وزع عليه من الأقساط ، وشرع من الفرايض والميراث ، وأباح من حظ الذكران والإناث ما أزاح علة المبطلين [10] ، وأزال التظني والشبهات في الغابرين [11] ، كلا " بل سولت لكم أنفسكم [12] أمرا فصبر جميل [13] والله المستعان على
[1] استبد فلان بالرأي ، أي انفرد به واستقل . [2] أي لا نقبض ولا نصرف . [3] أي لانحط درجتك ولا ننكر فضل أصولك وأجدادك وفروعك وأولادك . [4] ترين : من الرأي بمعنى الاعتقاد . [5] الصادف عن الشئ : المعرض عنه . [6] الأثر ، بالتحريك وبالكسر : أثر القدم . [7] القفو : الاتباع والسور بالضم : كل مرتفع عال ، ومنه سور المدينة ، ويكون جمع سورة وهي كل منزلة من البناء ، ومنه سورة القرآن ، لأنها منزلة بعد منزلة ، وتجمع على سور بفتح الواو ، وفي العبارة يحتملها ، والضماير المجرورة تعود إلى الله تعالى أو إلى كتابه والثاني أظهر . [8] الاعتلال : إبداء العلة والاعتذار ، والزور : الكذب . [9] البغي : الطلب ، والغوايل : المهالك والدواهي إشارات عليها السلام بذلك إلى ما دبروا - لعنهم الله - في إهلاك النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستيصال أهل بيته عليهم السلام في العقبتين وغيرهما مما أوردناه متفرقا . أقول : سيأتي الكلام في مواريث الأنبياء في باب المطاعن إن شاء الله تعالى . والتوزيع : التقسيم ، والقسط بالكسر : والحصة والنصيب . [10] الإزاحة : الإذهاب والإبعاد . [11] التظني : إعمال الظن وأصله التظنن . والغابر : الباقي : وقد يطلق على الماضي . [12] التسويل : تحسين ما ليس بحسن وتزيينه وتحبيبه إلى الإنسان ليفعله أو يقوله : وقيل : هو تقدير معنى في النفس على الطمع في تمامه . [13] أي فصبري جميل أو الصبر الجميل أولى من الجزع الذي لا يغني شيئا . وقيل : إنما يكون الصبر جميلا إذا قصد به وجه الله تعالى وفعل للوجه الذي وجب ، ذكره السيد المرتضى ( رضي الله عنه ) .