ما تصفون " [1] . فقال أبو بكر : صدق الله ورسوله ، وصدقت ابنته ، أنت معدن الحكمة ، وموطن الهدى والرحمة ، وركن الدين وعين الحجة ، لا أبعد صوابك ، ولا أنكر خطابك [2] هؤلاء المسلمون بيني وبينك ، قلدوني ما تقلدت ، وباتفاق منهم أخذت ما أخذت [3] غير مكابر ولا مستبد ولا مستأثر [4] ، وهم بذلك شهود . فالتفتت فاطمة ( عليها السلام ) وقالت : معاشر الناس المسرعة إلى قيل الباطل [5] ، المغضية [6] على الفعل القبيح الخاسر " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها [7] " [8] كلا بل ران على قلوبكم [9] ما أسأتم من أعمالكم ، فأخذ بسمعكم وأبصاركم ، ولبئس ما تأولتم [10] ، وساء ما به أشرتم [11] ، وشر ما منه اعتضتم [12] ، لتجدن - والله - محمله ثقيلا [13] ، وغبه وبيلا [14] إذا كشف لكم الغطاء ، وبان ما وراءه
[1] يوسف : آية 18 . [2] من المصدر المضاف إلى الفاعل . [3] مراده بما تقلدوا ما أخذ فدك أو الخلافة ، أي أخذت الخلافة بقول المسلمين واتفاقهم فلزمني القيام بحدودها التي من جملتها أخذ فدك ، للحديث المذكور . [4] المكابرة : المغالبة والاستبداد والاستيثار : الانفراد بالشئ . [5] القيل بمعنى القول ، وكذا القال ، وقيل : القول في الخير ، والقيل والقال في الشر ، وقيل : القول مصدر ، والقيل والقال اسمان له . [6] الإغضاء : إدناء الجفون ، وأغضى على الشئ ، أي سكت ورضي به . [7] روي عن الصادق والكاظم عليهما السلام في الآية : أن المعنى : أفلا يتدبرون القرآن فيقضوا بما عليهم من الحق ؟ وتنكير القلوب لإرادة قلوب هؤلاء ومن كان مثلهم من غيرهم . [8] محمد : آية 24 . [9] الرين : الطبع والتغطية ، وأصله الغلبة . [10] التأول والتأويل : التصيير والإرجاع ونقل الشئ عن موضعه ، ومنه تأويل الألفاظ أي نقل اللفظ عن الظاهر . [11] الإشارة : الأمر بأحسن الوجوه في أمر . [12] شر - كفر - بمعنى ساء - والاعتياض : أخذ العوض والرضاء به ، والمعنى : ساء ما أخذتم منه عوضا عما تركتم . [13] المحمل - كمجلس - مصدر . [14] الغب ، بالكسر : العاقبة ، والوبال ، في الأصل : الثقل والمكروه ، ويراد به في عرف الشرع عذاب الآخرة ، والعذاب الوبيل : الشديد .