حميد " [1] ألا وقد قلت ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم [2] ، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم [3] ، ولكنها فيضة النفس [4] ، ونفثة الغيظ [5] ، وخور القنا [6] ، وبثة الصدور [7] ، وتقدمة الحجة [8] . فدونكموها فاحتقبوها [9] دبرة الظهر [10] ، نقبة الخف [11] ، باقية العار [12] ، موسومة بغضب الله وشنار الأبد [13] ، موصولة بنار الله الموقدة [14] التي تطلع على
[1] إبراهيم : 8 . وفيها " إن تكفروا " . [2] الخذلة : ترك النصر . و " خامرتكم " أي خالطتكم . [3] الغدر : ضد الوفاء . واستشعره أي لبسه ، والشعار : الثوب الملاصق للبدن . [4] الفيض في الأصل كثرة الماء وسيلانه ، يقال : فاض الخبر أي شاع ، وفاض صدره بالسر أي باح به وأظهره ، ويقال : فاضت نفسه أي خرجت روحه ، والمراد به هنا إظهار المضمر في النفس لاستيلاء الهم وغلبة الحزن . [5] النفث بالضم شبيه بالنفخ ، وقد يكون للمغتاظ تنفس عال تسكينا لحر القلب وإطفاء لنائرة الغضب . [6] الخور ، بالفتح والتحريك : الضعف . والقنا : جمع قناة وهي الرمح ، وقيل : كل عصا مستوية أو معوجة قناة . ولعل المراد بخور القنا ضعف النفس عن الصبر على الشدة وكتمان الضر أو ضعف ما يعتمد عليه في النصر على العدو ، والأول أنسب . [7] البث : النشر والإظهار والهم الذي لا يقدر صاحبه على كتمانه فيبثه أي يفرقه . [8] تقدمة الحجة : إعلام الرجل قبل وقت الحاجة قطعا لاعتذاره بالغفلة والحاصل أن استنصاري منكم وتظلمي لديكم وإقامة الحجة عليكم لم يكن رجاء للعون والمظاهرة ، بل تسلية للنفس وتسكينا للغضب وإتماما للحجة ، لئلا تقولوا يوم القيامة " إنا كنا عن هذا غافلين " . [9] الحقب ، بالتحريك : حبل يشد به الرحل إلى بطن البعير ، يقال : أحقبت البعير ، أي شددته به ، وكل ما شد في مؤخر رحل أو قتب فقد احتقب ، ومنه قيل : احتقب فلان الإثم كأنه جمعه واحتقبه من خلفه ، فظهر أن الأنسب في هذا المقام " أحقبوها " بصيغة الأفعال ، أي شدوا عليها ذلك ، وهيأوها للركوب ، لكن فيما وصل إلينا من الروايات علي بناء الافتعال . [10] الدبر ، بالتحريك : الجرح في ظهر البعير ، وقيل : جرح الدابة مطلقا . [11] النقب ، بالتحريك : رقة خف البعير . [12] العار الباقي : عيب لا يكون في معرض الزوال . [13] وسمته وسما وسمة : إذا أثرت فيه بسمة وكي : والشنار : العيب والعار . [14] نار الله الموقدة : المؤججة على الدوام . والاطلاع على الأفئدة : إشرافها على القلوب بحيث يبلغ المها ، كما يبلغ ظواهر البدن . وقيل : معناه أن هذه النار تخرج من الباطن إلى الظاهر بخلاف نيران الدنيا ، وفي الكشف " أنها عليهم مؤصدة " والمؤصدة : المطبقة .