الأخبار [1] ، وتنكصون عند النزال [2] ، وتفرون عند القتال . فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه ، ظهر فيكم حسيكة النفاق [3] ، وسمل جلباب الدين [4] ، ونطق كاظم الغاوين [5] ، ونبغ خامل الأقلين [6] ، وهدر فنيق المبطلين [7] . فخطر في عرصاتكم [8] ، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه ، هاتفا بكم ، فألفاكم لدعوته مستجيبين [9] ، وللغرة فيه ملاحظين [10] . ثم استنهضكم [11] فوجدكم
[1] التوكف : التوقع . والمراد إخبار المصائب والفتن . وفي بعض النسخ : " تتواكفون الأخيار " ، يقال : واكفه في الحرب أي واجهه . [2] النكوص : الإحجام والرجوع عن الشئ . والنزال بالكسر : أن ينزل القرنان عن إبلهما إلى خيلهما فيتضاربا . والمقصود من تلك الفقرات أنهم لم يزالوا منافقين لم يؤمنوا قط . [3] الحسيكة : العداوة . قال الجوهري : " الحسك : حسك السعدان ، الواحدة : حسكة . وقولهم : في صدره علي حسيكة وحساكة أي ضغن وعداوة " . وفي بعض الروايات " حسكة النفاق " فهو على الاستعارة . [4] سمل الثوب - كنصر - : صار خلقا . والجلباب بالكسر : الملحفة ، وقيل : ثوب واسع للمرأة غير الملحفة ، وقيل : هو إزار ورداء ، وقيل : هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها . [5] الكظوم : السكوت . [6] نبغ الشئ - كمنع ونصر - أي ظهر ، ونبغ الرجل : إذا لم يكن في إرث الشعر ثم قال وأجاد . والخامل : من خفي ذكره وصوته وكان ساقطا لا نباهة له . والمراد بالأقلين : الأذلون . وفي بعض الروايات : " الأولين " وفي الكشف : " فنطق كاظم ، ونبغ خامل " . [7] الهدير : ترديد البعير صوته في حنجرته . والفنيق : الفحل المكرم من الإبل الذي لا يركب ولا يهان لكرامته على أهله . [8] يقال : خطر البعير بذنبه يخطر - بالكسر - خطرا وخطرانا : إذا رفعه مرة بعد مرة وضرب به فخذيه ، ومنه قول الحجاج لما نصب المنجنيق على الكعبة : " خطارة كالجمل الفنيق " ، شبه رميها بخطران الفنيق . [9] مغرز الرأس ، بالكسر : ما يختفي فيه . وقيل : لعل في الكلام تشبيها للشيطان بالقنفذ ، فإنه إنما يطلع رأسه عند زوال الخوف ، أو بالمرجل الحريص المقدم على أمر ، فإنه يمد عنقه إليه . والهتاف : الصياح . " وألفاكم " أي وجدكم . [10] الغرة ، بالكسر : الاغترار والانخداع . والضمير المجرور راجع إلى الشيطان . وملاحظة الشئ : مراعاته ، وأصله من اللحظ وهو النظر بمؤخر العين ، وهو أينما يكون عند تعلق القلب بشئ ، أي وجدكم الشيطان لشدة قبولكم للانخداع كالذي كان مطمح نظره أن يغتر بأباطيله . ويحتمل 0 أن يكون " للعزة " بتقدم المهملة على المعجمة . وفي الكشف : " وللعزة ملاحظين " أي وجدكم طالبين للعزة . [11] النهوض : القيام ، واستنهضه لأمر أي أمره بالقيام إليه .