أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله " ، أو نجم قرن للشيطان [1] ، وفغرت فاغرة من المشركين [2] قذف أخاه في لهواتها [3] ، فلا ينكفئ [4] حتى يطأ صماخها بأخمصه ، ويخمد لهبها بسيفه [5] ، مكدودا في ذات الله [6] ، مجتهدا في أمر الله ، قريبا من رسول الله سيد أولياء الله [7] ، مشمرا ناصحا [8] ، مجدا كادحا [9] ، وأنتم في رفاهية من العيش ، وادعون فاكهون آمنون [10] ، تتربصون بنا الدوائر [11] ، وتتوكفون
[1] نجم الشئ - كنصر - نجوما : ظهر وطلع . والمراد بالقرن : القوة . وفسر قرن الشيطان بأمته ومتابعيه . [2] فغر فاه ، أي فتحه ، يتعدى ولا يتعدى . والفاغرة من المشركين : الطائفة العادية منهم تشبيها بالحية أو السبع . ويمكن تقدير الموصوف مذكرا على أن يكون التاء للمبالغة . [3] القذف : الرمي ، ويستعمل في الحجارة ، كما أن الحذف يستعمل في الحصا ، يقال : هم بين حاذف وقاذف . واللهوات بالتحريك : جمع لهاة وهي اللحمة في أقصى سقف الفم . وفي بعض الروايات : " في مهواتها " بالميم وهي بالتسكين : الحفرة وما بين الجبلين ونحو ذلك . وعلى أي حال المراد أنه صلى الله عليه وآله كلما أراده طائفة من المشركين أو عرضت له داهية عظيمة بعث عليا عليه السلام لدفعها وعرضه للمهالك . وفي رواية الكشف وابن أبي طاهر : " كلما حشوا نارا للحرب ونجم قرن للضلال " . قال الجوهري : " حششت النار : أوقدتها " . [4] انكفأ ، بالهمزة : أي رجع ، من قولهم : كفأت القوم كفأ : إذا أرادوا وجها فصرفتهم عنه إلى غيره فانكفؤا ، أي رجعوا . [5] الصماخ ، بالكسر : ثقب الأذن ، والأذن نفسها . وبالسين كما في بعض الروايات لغة فيه . والأخمص : ما لا يصيب الأرض من باطن القدم عند المشي . ووطي الصماخ بالأخمص عبارة عن القهر والغلبة على أبلغ وجه ، وكذا إخماد اللهب بماء السيف استعارة بليغة شايعة . [6] المكدود : من بلغه التعب والأذى . وذات الله : أمره ودينه وكل ما يتعلق به سبحانه . وفي الكشف : " مكدودا دؤوبا في ذات الله " . [7] بالجر صفة الرسول ، أو بالنصب عطفا على الأحوال السابقة ، ويؤيد الأخير ما في رواية ابن أبي طاهر " سيدا في أولياء " . [8] التشمير في الأمر : الجد والاهتمام فيه . [9] الكدح : العمل والسعي . [10] قال الجوهري : " الدعة : الخفض ، تقول منه : ودع الرجل فهو وديع أي ساكن ، ووادع أيضا ، يقال : نال فلان المكارم وادعا من غير كلفة " . وقال : " الفكاهة بالضم : المزاح ، وبالفتح مصدر فكه الرجل - بالكسر - فهو فكه : إذا كان طيب النفس مزاجا والفكه أيضا : الأشر والبطر " وقرئ : " ونعمة كانوا فيه فاكهين " أي أشرين ، وفاكهين أي ناعمين . والمفاكهة : الممازحة . وفي رواية ابن أبي طاهر : " وأنتم في بلهنية وادعون آمنون " قال الجوهري : " هو في بلهنية من العيش أي سعة ورفاهية ، وهو ملحق بالخماسي بألف في آخره ، وإنما صارت ياء لكسرة ما قبلها " وفي الكشف : " وأنتم في رفهنية " وهي مثلها لفظا ومعنى . [11] صروف الزمان وحوادث الأيام والعواقب المذمومة ، وأكثر ما تستعمل الدائرة في تحول النعمة إلى الشدة . أي كنتم تنتظرون نزول البلايا علينا ، وزوال النعمة عنا .