خفافا [1] ، وأحمشكم فألفاكم غضابا [2] ، فوسمتم [3] غير إبلكم ، وأوردتم غير شربكم [4] ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب [5] ، والجرح لما يندمل [6] ، والرسول لما يقبر [7] ، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة [8] ، " ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " [9] . فهيهات منكم ، وكيف بكم ، وأنى تؤفكون ؟ وكتاب الله بين أظهركم [10] ، أموره ظاهرة ، وأحكامه زاهرة [11] ، وأعلامه باهرة ، وزواجره لائحة ، وأوامره واضحة ، قد خلفتموه وراء ظهوركم ، أرغبة عنه تريدون ، أم بغيره تحكمون ، " بئس للظالمين بدلا [12] " [13] " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من
[1] أي مسرعين إليه . [2] أحمشت الرجل : أغضبته ، وأحمشت النار : ألهبتها . أي حملكم الشيطان على الغضب فوجدكم مغضبين لغضبه ، أو من عند أنفسكم . وفي المناقب القديم : " عطافا " بالعين المهملة والفاء ، من العطف بمعنى الميل والشفقة ، ولعله أظهر لفظا ومعنى . [3] الوسم : أثر الكي ، يقال : وسمته - كوعدته - وسما . [4] الورود : حضور الماء للشرب ، والإيراد : الإحضار . والشرب بالكسر : الحظ من الماء ، وهما كنايتان عن أخذ ما ليس لهم بحق من الخلافة والإمامة وميراث النبوة . وفي الكشف : " وأوردتموها شربا ليس لكم " . [5] الكلم : الجرح . والرحب بالضم : السعة . [6] الجرح بالضم ، الاسم ، وبالفتح المصدر . و " لما يندمل " أي لم يصلح بعد . [7] قبرته : دفنته . [8] " ابتدارا " مفعول له للأفعال السابقة ، ويحتمل المصدر بتقدير الفعل . وفي بعض الروايات : " بدارا زعمتم خوف الفتنة " أي ادعيتم وأظهرتم لناس كذبا وخديعة أنا إنما اجتمعنا في السقيفة دفعا للفتنة ، مع أن الغرض كان غصب الخلافة عن أهلها وهو عين الفتنة . والالتفات في " سقطوا " لموافقة الآية الكريمة . [9] التوبة : 49 . [10] " هيهات " للتبعيد ، وفيه معنى التعجب كما صرح به الشيخ الرضي ، وكذلك " كيف " و " أنى " تستعملان في التعجب . وأفكه - كضربه - : صرفه عن الشئ وقلبه ، أي إلى أين يصرفكم الشيطان وأنفسكم والحال أن كتاب الله بينكم ! وفلان بين أظهر قوم وبين ظهرانيهم أي مقيم بينهم محفوف من جانبيه أو من جوانبه بهم . [11] الزاهر : المتلألئ المشرق . وفي الكشف : " بين أظهركم ، قائمة فرائضه ، واضحة دلائله ، نيرة شرائعه . [12] الكهف ، 50 . [13] " بدلا " أي من الكتاب ما اختاروه من الحكم الباطل .