ثم رأيت أن ابن أبي الحديد المعتزلي قد ذكر في شرح نهج البلاغة [1] : أن أصحابه يحملون لفظة ( النساء ) في هذا الخبر على زوجاته صلى الله عليه وآله وسلم ، لأن فاطمة عليها السلام عندهم أفضل منها - يعني عائشة - لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : إنها سيدة نساء العالمين . ورابعا : أن هذا الحديث معارض بما يدل على أفضلية غير عائشة عليها ، فقد أخرج ابن جرير ، عن عمار بن سعد ، أنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين بل هذا الحديث أظهر في الأفضلية وأكمل في المدح عند من انجاب عن عين بصيرته عين التعصب والتعسف - كما قال الآلوسي [2] - . وقال أيضا : أشكل ما في هذا الباب حديث الثريد ، ولعل كثرة الأخبار الناطقة بخلافه تهون تأويله ، وتأويل واحد لكثير أهون من تأويل كثير لواحد ، والله تعالى هو الهادي إلى سواء السبيل . ثالثها : أن عائشة يوم القيامة في الجنة مع زوجها صلى الله عليه وآله وسلم [3] وفاطمة عليها السلام يومئذ مع زوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام ، وفرق عظيم بين مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومقام ابن عمه عليه السلام ، وهو قول أبي محمد ابن حزم ، وفساده ظاهر - كما قال ابن حجر [4] - وقال الشيخ تقي الدين السبكي : هو قول ساقط مردود . وأنت تعلم أن هذا الدليل يستدعي أن تكون سائر زوجات
[1] شرح نهج البلاغة 14 / 23 . [2] روح المعاني 3 / 156 . [3] كما أخرج ابن سعد عن مسلم البطين مرسلا : عائشة زوجتي في الجنة ، ورمز السيوطي في الجامع الصغير لضعفه . [4] فتح الباري 7 / 173 .