وقالوا : إنه أباحها في فتح مكة ثم حرمها هناك بعد أيام [1] . والشائع وعليه الأكثر : أنه نسخها في غزوة خيبر [ في السنة ] السابعة من الهجرة ، أو في عمرة القضاء ، وهي في ذي الحجة من تلك السنة [2] . ومن كل هذه المزاعم يلزم أن تكون قد أبيحت ونسخت خمس أو ست مرات لا مرتين أو ثلاث كما ذكره النووي وغيره في ( شرح مسلم ) [3] ! فما هذا التلاعب بالدين يا علماء المسلمين ؟ وبعد هذا كله ، فهل يبقى قدر جناح بعوضة من الثقة في وقوع النسخ بمثل هذه الأساطير المدحوضة باضطرابها أولا ، وبأن الكتاب لا ينسخ بأخبار الآحاد ثانيا ، وبأنها معارضة بأخبار كثيرة من طرقهم صريحة في عدم نسخها ثالثا . ففي صحيح البخاري : حدثنا أبو رجاء ، عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله
[1] صحيح مسلم 2 : 1025 ، سنن البيهقي 7 : 202 . [2] سنن ابن ماجة 1 : 630 / 1961 ، صحيح مسلم 2 : 1027 . والغريب أن القوم عند محاولتهم لإيراد الأدلة التي يحتجون بها لإثبات مدعاهم بتحريم نكاح المتعة لم يلتفتوا إلى كثير من مواضع الخلل البينة في استدلالاتهم ومحاجاتهم ، بل والى مواضع التهافت البينة فيها ، ومن ذلك قولهم بتحريمها في غزوة خيبر ، حيث يظهر بطلان ذلك من عدة وجوه ، لعل أوضحها ما ذكره ابن القيم في زاد المعاد ( 2 : 158 و 204 ) في معرض رده لهذا الرأي السقيم ، حيث قال : وقصة خيبر لم يكن الصحابة يتمتعون باليهوديات ، ولا استأذنوا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولا نقله أحد قط في هذه الغزوة ، ولا كان للمتعة فيها ذكر البتة ، لا فعلا ولا تحريما . . فإن خيبر لم يكن فيها مسلمات وإنما كن يهوديات ، وإباحة نساء أهل الكتاب لم يكن ثبت بعد ، إنما أبحن بعد . . فتأمل . [3] شرح صحيح مسلم للنووي 9 : 180 .