والخلاصة : إن القوم بعد اعترافهم قاطبة بالمشروعية ادعوا أنها منسوخة ، فزعموا تارة نسخ آية بآية وقد عرفت حاله ، وأخرى نسخ آية بحديث ، واستشهدوا على ذلك بما رواه البخاري ومسلم من أن النبي صلى الله عليه وآله نهى عنها وعن الحمر الأهلية في فتح مكة أو فتح خيبر أو غزوة أوطاس [1] . وهنا اضطربت القضية اضطرابا غريبا ، وتلونت ألوانا ، وتنوعت أنواعا ، وجاء الخلف والاختلاف ، الواسع الأكناف ، فقد حكي عن القاضي عياض : أن بعضهم قال : إن هذا مما تداوله التحريم والإباحة والنسخ مرتين [2] ! ولكن من توسع في تصفح أسفارهم ، ومأثور أحاديثهم وأخبارهم ، بجد القضية أوسع بكثير ، ففي بعضها : أن النسخ كان في حجة الوداع [ السنة ] العاشرة من الهجرة [3] . وأخرى : أنه في غزوة تبوك [ السنة ] التاسعة من الهجرة [4] . وقيل : في غزوة أوطاس ، أو غزوة حنين ، وهما في [ السنة ] الثامنة في [ شهر ] شوال [5] . وقيل : يوم فتح مكة ، وهو في شهر رمضان من [ السنة ] الثامنة أيضا [6] .
[1] صحيح البخاري 7 : 16 ، صحيح مسلم 2 : 1023 / 18 و 1027 / 29 ، 30 . وتقدمت الإشارة إلى ذلك ، فراجع . [2] شرح صحيح مسلم للنووي 9 : 181 ، التفسير العظيم لابن كثير 1 : 474 . [3] سنن أبي داود 2 : 227 ، سنن البيهقي 4 : 348 ، طبقات ابن سعد 4 : 348 . [4] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5 : 130 ، سنن البيهقي 7 : 207 ، مجمع الزوائد 4 : 264 ، فتح الباري 11 : 73 . [5] صحيح مسلم 2 : 1023 . [6] صحيح مسلم 2 : 1025 ، سنن البيهقي 7 : 202 ، سنن الدارمي 2 : 140 ، مجمع الزوائد 4 : 264 ، مصنف ابن أبي شيبة 4 : 292 .