الفكاك - بفتح الفاء وكسرها ، الفتح أفصح وأشهر - وهو الخلاص والفداء ، ومعنى هذا الحديث ما جاء في حديث أبي هريرة : لكلّ أحد منزل في الجنّة ومنزل في النّار ، والمؤمن إذا دخل الجنّة خلفه الكافر في النّار لاستحقاقه ذلك بكفره ، ومعنى فكاكك من النّار كنت تتعرّض لدخول النّار وهذا فكاكك لأنّ الله قدّر لها عدداً يملؤها ، فإذا دخلها الكفّار بكفرهم وذنوبهم صاروا في معنى الفكاك للمسلمين . وأمّا رواية يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب فمعناه : أنّ الله تعالى يغفر الذنوب للمسلمين ويسقطها عنهم ، ويضع على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم وذنوبهم ، فيدخلهم النّار بأعمالهم لا بذنوب المسلمين ، ولابدّ من هذا التأويل لقوله تعالى : ( ولا تَزِرُ وازرةٌ وِزْرَ اُخرى ) . وقوله : ويضعها مجاز ، والمراد يضع عليهم مثلها بذنوبهم كما ذكرنا ، لكن لمّا أسقط سبحانه وتعالى عن المسلمين سيّئاتهم وأبقى على الكفّار سيّئاتهم ، صاروا في معنى من حمل إثم الفريقين ، لكونهم حملوا الإثم الباقي وهو إثمهم ، ويحتمل أن يكون المراد آثاماً كان للكفّار سبب فيها بأن سنّوها ، فتسقط عن المسلمين بعفو الله تعالى ويوضع على الكفّار مثلها ، لكونهم سنّوها ، ومن سنّ سنّة سيّئة كان عليه مثل وزر كلّ من عمل بها . والله أعلم » [1] . هذا ، وقد انتقد القرطبي في كتاب ( التذكرة ) إنكار من أنكر هذه الأحاديث فقال ما نصّه : « أنكر بعض المتغفّلة الذين اتّبعوا أهوائهم بغير هدى من الله إعجاباً برأيهم وتحكّماً على كتاب الله وسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعقول