ضعيفة وأفهام سخيفة فقالوا : لا يجوز في حكم الله وعدله أن يضع سيّئات من اكتسبها على من لم يكتسبها ، ويؤخذ حسنات من عملها وتؤتى من لم يعملها ، وزعموا هذا جوراً . . . والجواب : أنّ الله سبحانه لم يبن اُمور الدنيا على عقول العباد ، ولم يعد ولم يوعد على ما تحتمله عقولهم ويدركونها بأفهامهم ، بل وعد وأوعد بمشيّته وإرادته وأمر ونهى بحكمته ، ولو كان كلّما لا تدركه العقول مردوداً كان أكثر الشرائع مستحيلاً على موضوع عقول العباد ، وذلك أنّ الله أوجب الغسل بخروج المني الذي هو طاهر عند بعض الصحابة وكثير من الاُمّة ، وأوجب غسل الأطراف من الغائط الذي لا خلاف بين الاُمّة وسائر من يقول بالعقل وغيرهما في نجاسته وقذارته ونتنه ، وأوجب بريح يخرج من موضع الحدث ما أوجب بخروج الغائط الكثير المتفاحش ، فبأيّ عقل يستقيم هذا ؟ أو بأيّ رأي يجب مساواة ريح ليس لها عين قائمة بما يقوم عينه ويزيد على الريح نتناً وقذراً ؟ وقد أوجب الله قطع يمين مؤمن لعشرة دراهم وعند بعض الفقهاء بثلاثة دراهم ودون ذلك ، ثمّ سوّى بين هذا القدر من المال وبين مائة ألف دينار فيكون القطع فيها سواء ، وأعطى الاُم من ولدها الثلث ثمّ إن كان للمتوفى إخوة جعل لها السدس من غيرأن يرث الإخوة من ذلك شيئاً ؟ فبأيّ عقل يدرك هذا إلاّ تسليماً وانقياداً من صاحب الشرع ، إلى غير ذلك . وكذلك القصاص بالحسنات والسيّئات » [1] . وأخرج مسلم :
[1] التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة : 310 - 311 / باب القصاص يوم القيامة ممّن استطال في حقوق الناس .