معانيه عند عدم المخصص . قالوا : والدليل على أنّه غير جائز أنّ الواضع وضعه لأحد المعنيين فقط ، فاستعماله فيهما يكون مخالفةً للّغة . وأقول : إنّ كثيراً من الاُصوليّين المحقّقين وافقوه عليه ، كالقاضي أبي بكر الباقلاني والقاضي عبد الجبار بن أحمد ، ووجه قوله فيه ظاهر ، وهو أنّه لمّا تعذَّر التعطيل والترجيح لم يبق إلاّ الجمع . وإنّما قلنا : إنّه تعذّر التعطيل لأنّه تعالى إنّما ذكره للبيان والفائدة ، والقول بالتعطيل إخراج له عن كونه بياناً ، وإنّما قلنا : إنّه تعذّر الترجيح لأنّه يقتضي ترجيح الممكن من غير مرجح وهو محال . ولمّا بطل القسمان لم يبق إلاّ الجمع . وهذا وجه قويّ حسن في المسألة ، وإنْ كنّا لا نقول به » [1] . فظهر : إنّ هذا القول قول إمامه الشافعي ، وغير واحد من الأئمّة موافقون له ، والرازي يدافع عنه بوجه قوي حسن . وإذا كان الرازي لا يوافق عليه في ( التفسير الكبير ) ، فهو موافق له في ( أسرار التنزيل ) حيث يقول : « أمّا التمسّك بقوله تعالى : ( وتقلّبك في الساجدين ) فهو محمول على سائر الوجوه ، ولا نحمله على أنّ روحه كانت تنتقل من ساجد إلى ساجد » [2] . فإنّ معنى الحمل على سائر الوجوه هو الحمل على المعاني المتعدّدة . وأمّا في الحديث - وهو قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : لم أزل اُنقل من أصلاب الطاهرين - فحاصل استدلال أهل الحق هو : إنّ الله تعالى وصف المشركين بالنجاسة وهي ضدّ الطهارة ، فلو كان آباؤه صلّى الله عليه وآله وسلّم
[1] رسالة الرازي في ترجيح مذهب الشافعي - المسألة الرّابعة . [2] أسرار التنزيل : 272 ، الباب الثاني ، الفصل الأوّل .