العمومات ، لكنّا بيّنّا في اُصول الفقه إنّه مهما وقع التعارض بين المجاز والتخصيص كان التزام التخصيص أولى ، فكان الترجيح معنا » [1] . أقول : وأمّا تشكيكات الرازي - المعروف بإمام المشكّكين - في استدلال أهل الحق بالآية ( وتقلّبك في الساجدين ) والحديث المذكور ، فركيكة جدّاً . أمّا في الآية فغاية ما قال : إنّ حمل اللفظ المشترك على جميع معانيه غير جائز ، كحمل اللفظ الواحد على كلا معنييه الحقيقي والمجازي ، وفيه : أوّلاً : إنّه متى ورد بتفسير الآية المباركة رواية من أهل السنّة تثبت قول أهل الحق ، صحّ الاستدلال بها ، لمطابقتها روايات أهل البيت عليهم السلام واعتضادها بالأدلّة السديدة الاُخرى ، وحينئذ لا يلتفت إلى الأقوال والتفاسير الاُخرى للآية ، ولا تكون قادحةً في هذا الاستدلال . وقد عرفت من كلام السيوطي احتجاج الماوردي صاحب كتاب ( الحاوي ) بالآية على إسلام آباء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وكفى بذلك ردعاً للشبهات ودفعاً للتوهّمات . وثانياً : إنّ إرادة المعاني المتعدّدة من اللفظ المشترك جائز عند الشافعي وهو إمام الفخر الرازي ، بل قال بوجوبه عند عدم المخصّص . . . وقد ذكر الرازي نفسه هذا القول عن الشافعي في كتابه الذي ألّفه في ترجيح مذهبه - أي الشافعي - على سائر المذاهب ، ودافع عنه ونصّ على موافقة أجلّة الاُصوليّين معه ، وهذا نصّ عبارة الرازي : « المسألة الرابعة : عابوا عليه قوله : اللفظ المشترك محمول على جميع
[1] أسرار التنزيل للفخر الرازي : 296 - 272 ، الباب الثاني ، الفصل الأوّل .