محمولاً على النداء ، ومخاطبة الأب ونداؤه بالاسم من أعظم أنواع الجفاء . الثاني : إنّه قال لآزر : ( إنّي أراك وقومك في ضلال مبين ) وهو من أعظم أنواع الإيذاء ، فثبت أنّه شافه آزر بالغلظة . وإنّما قلنا أنّ مشافهة الأب بالغلظة لا يجوز لوجوه : الأوّل : قوله تعالى : ( وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدين إحساناً ) وهذا عام في حقّ الكافر والمسلم . وقال تعالى : ( لا تقل لهما اُفٍّ ولا تنهرهما ) وهذا أيضاً عام . الثاني : إنّه تعالى لمّا بعث موسى إلى فرعون أمره بالرفق معه ، قال تعالى : ( فقولا له قولاً ليّناً ) والسبب في ذلك أن يصير هذا رعاية لحقّ تربية فرعون ، فهاهنا الوالد أولى بالرفق . الثالث : إنّ الدعوة مع الرفق أكثر تأثيراً في القلب ، وأمّا التغليظ فإنّه ينفر السامع عن القبول ، ولهذا قال تعالى لمحمّد عليه السلام : ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) فكيف يليق بإبراهيم هذه الخشونة مع أبيه في وقت الدعوة . الرابع : إنّه تعالى حكى عن إبراهيم عليه السلام الرفق الشديد مع هذا المسمّى بالأب وهو قوله : ( يا أبت لِمَ تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً ) ثمّ إنّ ذلك الإنسان غلظ معه في القول فقال : ( لئن لم تنته لأرجمنّك ) ثمّ إنّ إبراهيم عليه السلام ما ترك الرفق معه بل قال : ( سلام عليك سأستغفر لك ربّي ) فإذا كان عادة إبراهيم في الرفق والقول الحسن هذا ، فكيف يليق أن يظهر الخشونة والغلظة مع أبيه ؟ فثبت بهذه الحجّة أنّ آزر ما كان والد إبراهيم .