الطاعات ، فوجدها كبيوت الزنابير لكثرة ما يسمع من دندنتهم بذكر الله ، فالمراد من قوله ( وتقلّبك في الساجدين ) طوفه عليه السلام على الساجدين في تلك الليلة . ومنها : المراد يراك حين تقوم للصلاة بالناس جماعة ، وتقلّبه في الساجدين كونه فيما بينهم بقيامه وركوعه وسجوده ; لأنّه كان إماماً . ومنها : أنّه لا يخفى على الله حالك كلّما قمت وتقلّبت مع الساجدين في الاشتغال بأمر الدين . ومنها : المراد تقلّب بصره فيمن يصلّي خلفه من قوله : أتمّوا الركوع والسجود فإنّي أراكم من ورائي وخلفي . فهذه الآية وإن كانت تحتمل هذه الوجوه الأربعة إلاّ أنّ الوجه الذي ذكرناه الآن أيضاً محتمل ، والروايات وردت بالكلّ ، ولا منافاة بين هذه الوجوه ، فوجب حمل الآية على الكلّ ، ومتى صحّ ذلك ثبت أنّ والد إبراهيم ما كان من عبدة الأوثان . وممّا يدلّ على أنّ آباء محمّد عليه السلام ما كانوا من المشركين قوله عليه السلام : لم أزل أُنتقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات ، وقال تعالى : ( إنّما المشركون نجس ) فوجب أن لا يكون أحد من آبائه مشركاً . الحجّة الثانية على أنّ آزر ما كان والد إبراهيم عليه السلام : إنّ هذه الآية دالّة على أنّ إبراهيم شافه آزر بالغلظة ، ومشافهة الأب بالغلظة لا تجوز ، وذلك يدلّ على أنّ آزر ما كان والد إبراهيم . أما إنّ إبراهيم شافه آزر بالغلظة فلوجهين : الأوّل : إنّه قرىء ( وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ) بضمّ آزر ، وهذا يكون