أحدها : أنّه لمّا نسخ فرض قيام اللّيل طاف الرسول عليه السلام تلك اللّيلة على بيوت أصحابه لينظر ماذا يصنعون ، لشدّة حرصه على ما يظهر منهم من الطاعات ، فوجدها كبيوت الزنابير لكثرة ما يسمع من أصوات قراءتهم وتسبيحهم وتهليلهم ، فالمراد من قوله ( وتقلّبك في الساجدين ) طوفه عليهم صلوات الله عليه تلك اللّيلة على الساجدين . وثانيها : المراد أنّه عليه السلام كان يصلّي بالجماعة ، فتقلّبه في الساجدين معناه كونه فيما بينهم ومختلطاً بهم حال القيام والركوع والسجود . وثالثها : أن يكون المراد أنّه لا يخفى حالك على الله كلّما قمت وتقلّبت مع الساجدين في الاشتغال باُمور الدين . ورابعها : المراد تقلّب بصره فيمن يصلّي خلفه ، والدليل عليه قوله عليه السلام : أتمّوا الركوع والسجود فإنّي أراكم من وراء خلفي . فهذه الوجوه الأربعة ممّا يحتملها ظاهر الآية ، فسقط ما ذكرتم . والجواب : لفظ الآية محتمل للكلّ ، وليس حمل الآية على البعض أولى من حملها على الباقي ، فوجب أن نحملها على الكلّ ، وحينئذ حصل المقصود . وممّا يدلّ أيضاً على أنّ أحداً من آباء محمّد عليه السلام ما كان من المشركين قوله عليه السلام : لم أزل أُنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات ، وقال تعالى : ( إنّما المشركون نَجَسٌ ) وذلك يوجب أن يقال : إنّ أحداً من أجداده ما كان من المشركين . إذا ثبت هذا فنقول : ثبت بما ذكرنا أنّ والد إبراهيم عليه السلام ما كان