وقال السيوطي في ( الدرج المنيفة في الآباء الشريفة ) : « الدرجة الثالثة : أنّهما كانا على التوحيد ودين إبراهيم عليه السلام ، كما كان على ذلك طائفة من العرب كزيد بن نفيل وقس بن ساعدة وورقة بن نوفل وعمير ابن حبيب الجهني وعمر بن عنبسة في جماعة آخرين ، وهذه طريقة الإمام فخر الدين الرازي وزاد : إن آباء النبي صلّى الله عليه وسلّم كلّهم إلى آدم على التوحيد ودين إبراهيم ، لم يكن فيهم شرك . قال : ممّا يدلّ على أنّ آباءه صلّى الله عليه وسلّم ما كانوا مشركين قوله صلّى الله عليه وسلّم : لم أزل أُنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات ، وقال تعالى : ( إنّما المشركون نَجَسٌ ) فوجب أن لا يكون أحد من أجداده مشركاً . قال : ومن ذلك قوله تعالى : ( الذي يراك حين تقوم وتقلّبك في الساجدين ) معناه أنّه ينقل نوره من ساجد إلى ساجد . قال : وبهذا التقرير فالآية دالّة على أنّ جميع آباء محمّد صلّى الله عليه وسلّم كانوا مسلمين . قال : وحينئذ يجب القطع بأنّ والد إبراهيم ما كان من الكافرين ، إنّما كان ذاك عمّه ، أقصى ما في الباب أن يحمل قوله تعالى ( وتقلّبك في الساجدين ) على وجوه اُخرى ، وإذا وردت الروايات بالكلّ ولا منافاة بينهما وجب حمل الآية على الكلّ ، وبذلك يثبت أنّ والد إبراهيم ما كان من عبدة الأوثان ، وإنّ آزر لم يكن والده بل كان عمّه ، إنتهى ملخّصاً . وقد وافقه على الإستدلال بالآية الإمام الماوردي صاحب الحاوي الكبير من أئمّة أصحابنا .