بني آدم : وقول بعضهم : ونقل أبو حيان . . . سوء تصرّف منه ، لأنّه - أعني ناقل هذا الكلام عن أبي حيان - لو كان له أدنى مسكة من علم أو فهم لتعقّب ما قاله أبو حيان أنّ الرافضة هم القائلون . . وقال له : هذا الحصر باطل منك أيّها النحوي البعيد عن مدارك الاُصول والفروع . كيف ؟ وأئمّة الأشاعرة من الشافعيّة وغيرهم على ما مرّ التصريح به في نجاة سائر آبائه صلّى الله عليه وسلّم كبقيّة أهل الفترة ، فلو كنت ذا إلمام بذلك لما حصرت نقل ذلك عن الرافضة وزعمت أنّهم المستدلّون عليه بالآية والحديث . وهذا الفخر الرازي من أكابر أئمّة أهل السنّة قد استدلّ بهما ونقل ذلك عن غيره ، فليتك أيّها الناقل عن أبي حيّان سكتَّ عن ذلك ، ووقيت عرضك وعرضه من رشق سهام الصواب فيهما » . وهذا كلام ابن حجر المكي في ( المنح المكية - شرح القصيدة الهمزية ) : « وقول أبي حيان : إنّ الرافضة هم القائلون بأنّ آباء النبي صلّى الله عليه وسلّم مؤمنون غير معذَّبين مستدلّين بقوله تعالى : ( وتقلّبك في الساجدين ) . فلك ردّه : بأنّ مثل أبي حيّان إنّما يرجع إليه في علم النحو وما يتعلّق بذلك ، وأمّا المسائل الاُصوليّة فهو عنها بمعزل ، كيف والأشاعرة ومن ذكر معهم - فيما مرّ آنفاً - على أنّهم مؤمنون ، فنسبة ذلك للرافضة وحدهم - مع أنّ هؤلاء الذين هم أئمّة أهل السنّة قائلون به - قصور وأيّ قصور ، تساهل وأيّ تساهل » [1] . فثبت - والحمد لله - أنّ القائلين بالقول الحقّ هم أهل الحقّ ، وأنّ كثيراً من غيرهم أيضاً يشاركونهم في هذا القول .