قال الله عزّ وجلّ اسمه : ( النّار يُعرضون عليها غدوّاً وعشيّاً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب ) وقال في قصّة الشهداء : ( ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيلِ الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربّهم يُرزقون ) . فدلّ أنّ العذاب والثواب يكونان قبل يوم القيامة وبعدها . والخبر وارد بأنّه يكون مع فراق الروح الجسد من الدنيا ، والروح هاهنا عبارة عن الفعّال الجوهر البسيط ، وليس بعبارة عن الحياة التي يصحّ معها العلم والقدرة ، لأنّ هذه الحياة عرض لا يبقى ولا يصحّ الإعادة فيه . فهذا ما عوّل عليه بالنقل وجاء به الخبر على ما بيّنّاه » [1] . هذا كلام الشيخ المفيد ، وهو نصّ قاطع في أنّه غير منكر للصور ، بل ذكر عقيدته على أساس الأخبار المرويّة عن الأئمّة الأطهار - عليهم السلام - وجعلها المعوَّل عليه والمعتَمد . ولا يتوهّم أنّ هذا الكلام أيضاً ، يحتمل كون المراد من الصور هو نفخ الأرواح في الأجساد ، وأنّ الصور جمع الصورة . لأنّ هذا الاحتمال فاسد قطعاً ، وكلامه صريح في أنّ المراد من « الصور » هو « القرن » لا جمع الصورة ، ويدلّ على ذلك وجهان : الأوّل : قوله : « فإذا نفخ في الصور اُنشىء جسده . . . » فإنّه يدلّ بوضوح على أنّ إنشاء الجسد إنّما يكون بعد نفخ الصور ، فنفخ الصور متقدَّم على إنشاء الجسد الذي بلي في التراب وتمزّق ، وهذا مقتضى الشرط والجزاء ، فإنّ الجزاء متفرّع على وجود الشرط متأخّر عنه . ومن البديهي أنّه لو كان « الصور » جمع الصّورة ، وكان المراد نفخ الأرواح في الأجساد ، لم يكن تأخّر إنشاء