الجسد ، وإلاّ لزم تأخّر الشيء عن نفسه ، لأنّ النفخ في الصور - على تقدير كون « الصور » جمع الصورة - هو نفخ الأرواح في الأجساد ، فلابدّ من إنشاء الأجساد قبل النفخ حتى ينفخ فيها الأرواح . الثاني : إنّ لفظة « ثمّ » في قوله : « ثمّ أعاد إليه وحشره إلى الموقف . . . » صريحٌ في تأخّر إعادة الروح إلى الجسد عن نفخ الصور وإنشاء الجسد ، كما هو ظاهر لفظة « ثمّ » الموضوعة للتراخي والبعديّة ، ولا ريب أنّ إعادة الروح إلى الجسد هو عين نفخ الروح فيه . . . فلو كان المراد من ( فإذا نُفخ في الصور ) هو جمع الصورة ، وكان المراد من النفخ هو نفخ الأرواح في الأجساد ، لزم تأخّر الشيء عن نفسه . وتلخّص : أنّ الشيخ المفيد رحمه الله يقول بوجود الصور بمعنى القرن ، وبوقوع النفخ فيه كما دلّت عليه الأدلّة ، وقد أشار إليها في جواب السؤال ونصَّ على الاعتماد عليها . . . فلا يجوز نسبة غير ذلك إليه ألبتّة . عقيدة الحسن البصري وأبي عبيدة وغيرهما لكنّها عقيدة الحسن البصري وأبي عبيدة وغيرهما من أهل السنّة ، وقد نصّ غير واحد من أعلام القوم على أنّها خلاف ما عليه أهل السنّة والجماعة : قال العيني في ( عمدة القاري ) بشرح قول البخاري : ( باب نفخ الصور ) : « الصور ، وهو بضمّ الصاد وسكون الواو ، وذكر عن الحسن إنّه قرأها بفتح الواو جمع الصورة ، وتأوّله على أنّ المراد النفخ في الأجسام ليعاد إليها الأرواح . قال الأزهري : إنّه خلاف ما عليه أهل السنّة والجماعة » [1] .
[1] عمدة القاري بشرح البخاري 23 : 98 باب نفخ الصور .