الحسن من عبد الله ؟ فلم توجد هذه الصفة التي هي جزء من العلامة والدلالة ، وإذا لم يوجد جزء العلّة لا يثبت حكمها ; فإنّ الصفات الباقية لا تكفي في إثبات تلك الأحكام ، إذ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يجعل تلك الأحكام ثابتة إلاّ لمن اجتمعت تلك الصفات فيه كلّها التي جزءها مواطاة اسمي الأبوين في حقّه ، وهذه لم تجتمع في الحجّة الخلف فلا يثبت تلك الأحكام له ، وهذا إشكال قوي . فالجواب : لابدّ قبل الشروع في تفصيل الجواب من بيان أمرين يبنى عليهما الغرض : الأوّل : إنّه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجدّ الأعلى ، وقد نطق القرآن الكريم بذلك فقال تعالى : ( ملّة أبيكم إبراهيم ) وقال تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام : ( واتّبعت ملّة آبائي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ) ونطق بذلك النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حديث الإسراء إنّه قال : قلت : من هذا ؟ قال : أبوك إبراهيم ; فعلم أنّ لفظة الأب تطلق على الجدّ وإن علا ; فهذا أحد الأمرين . الثاني : إنّ لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة ، وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم ووردت في الأحاديث ، حتّى ذكر الإمامان البخاري ومسلم رضي الله عنهما كلّ منهما يرفعه إلى سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنّه قال عن عليّ رضي الله عنه : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سمّاه بأبي تراب ولم يكن له اسم أحبّ إليه منه ، فأطلق لفظة الاسم على الكنية ، ومثل ذلك قول الشاعر : إنّي اُجِلّ قدرك أن اسمي مؤبّنة * ومن كناكِ فقد سماكِ للعرب