ويدلّ على ذلك : أنّ الله عزّ وعلا لمّا أنزل في التوراة على موسى أنّه يبعث النبيّ العربيّ في آخر الزّمان خاتم الأنبياء ونعته بأوصافه وجعلها علامة ودلالة على إثبات حكم النبوّة له ، وصار قوم موسى عليه السلام يذكرونه بصفاته ويعلمون أنّه يبعث ، فلمّا قرب زمان ظهوره وبعثه صاروا يهدّدون المشركين به ويقولون : سيظهر الآن نبيّ نعته كذا وصفته كذا ونستعين به على قتالكم ، فلمّا بعث صلّى الله عليه وسلّم ووجدوا العلامات والصّفات بأسرها التي جعلت دلالة على نبوّته أنكروه وقالوا : ليس هو هذا بل هو غيره وسيأتي ، فلمّا جنحوا إلى الاحتمال وأعرضوا عن العمل بالدلالة الموجودة في الحال ، أنكر الله تعالى عليهم كونهم تركوا العمل بالدلالة التي ذكرها لهم في التوراة ، وجنحوا إلى الاحتمال ، وهذه القصّة من أكبر الأدلّة وأقوى الحجج على أنّه يتعيّن العمل بالدلالة بعد وجودها ، وإثبات الحكم لمن وجدت تلك الدلالة فيه . فإذا كانت الصفات التي هي علامة ودلالة لثبوت الأحكام المذكورة موجودة في الحجّة الخلف الصالح محمّد ، تعيّن إثبات كونه المهدي المشار إليه من غير جنوح إلى احتمال تجدّد غيره في الاستقبال . فإن قال المعترض : نسلّم أنّ الصفات المجعولة علامة ودلالة إذا وجدت تعيّن العمل بها ولزوم إثبات مدلولها لمن وجدت فيه ، لكن نمنع وجود تلك العلامة والدلالة في الخلف الصالح محمّد ، فإنّ من جملة الصفات المجعولة علامة ودلالة لن يكون اسم أبيه مواطئاً لاسم أب النبي صلّى الله عليه وسلّم ، هكذا صرّح به الحديث النبويّ على ما أوردتموه ، وهذه الصفة لم توجد فيه ، فإنّ اسم أبيه الحسن واسم أب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عبد الله ، وأين