وقال في آخره : أفأترك ما أخذت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وفي رواية له : فقال : إنّي غال مصحفي فمن استطاع أن يغلّ مصحفه فليفعل . وعند الحاكم من طريق أبي ميسرة قال : زحتُ فإذا أنا بالأشعري وحذيفة وابن مسعود فقال ابن مسعود : والله لا أدفعه - يعني مصحفه - أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم . فذكره » [1] . وفي ( مجمع البحار ) بتفسير قول ابن مسعود : « ومن يغلل » : « يعني : إنّ مصحفه ومصحف أصحابه كان مخالفاً لمصحف الجمهور ، فأنكر عليه النّاس وطلبوا إحراق مصحفه كما فعلوا فامتنع وقال لأصحابه : غُلّوا مصاحفكم أي اكتموها ، ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة ، وكفاكم به شرفاً ، ثمّ قال إنكاراً : ومن هو الذي تأمرونّي أن آخذ بقرائته وأترك مصحفي الذي أخذته من فيّ رسول الله » [2] . هذا ، وقد كان في مصحف ابن مسعود زيادة ونقصان بالنسبة إلى المصحف الموجود ، جاء ذلك في كلمات غير واحد من أئمة القوم ، كالقوشجي حيث قال مدافعاً عن عثمان ، في ( شرح التجريد ) : « اُجيب : بأن ضرب ابن مسعود إن صحّ فقد قيل : إنّه لمّا أراد عثمان أن يجمع النّاس على مصحف واحد ويرفع الاختلاف بينهم في كتاب الله طلب مصحفه منه فأبى ذلك ، مع ما كان فيه من الزيادة والنقصان ، ولم يرض أن يجعل موافقاً لما اتّفق به أجلّة الصحابة ، فأدّبه عثمان لينقاد » [3] .
[1] فتح الباري 9 : 39 . [2] مجمع البحار « غلّ » . [3] شرح التجريد للقوشجي : 375 .