responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وجاء الحق نویسنده : سعيد أيوب    جلد : 1  صفحه : 24


الميزان : " دعاهم الله - تعالى - إلى الإيمان بالكتاب الذي نزله مصدقا لما معهم ، وأوعدهم بالسخط الذي يلحقهم لو تمردوا واستكبروا من طمس أو لعن يتبعانهم اتباعا لا ريب فيه ، وطمس الوجوه : محو هذه الوجوه التي يتوجه بها البشر نحو مقاصدهم الحيوية مما فيه سعادة الإنسان المرتقبة والمرجوة ، وهذا المحو ليس هو المحو الذي يوجب فناء الوجوه وزوالها ، بل محو يوجب ارتداد تلك الوجوه على أدبارها ، فإذا كانت الوجوه تقصد مقاصدها على الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، فإن الوجوه المطموسة لا تقصد إلا ما خلفته وراءها ، ولا تمشي إليه إلا القهقرى ، وهذا الإنسان الذي يسير في غير اتجاه الفطرة ، كلما توجه إلى ما يراه خيرا لنفسه وصلاحا لدينه ودنياه لم ينل إلا شرا وفسادا ، وكلما بالغ في التقدم زاد في التأخر ، وليس بفالح أبدا ، وقوله تعالى : ( نطمس وجوها ) فيه أنه - تعالى - أتى بالجمع المنكر ، ولو كان المراد الجميع لم ينكر ، ولتنكير الوجوه وعدم تعيينها هدف من ورائه حكمة ، هي أن المقام لما كان مقام الإبعاد والتهديد ، وهو إبعاد للجماعة بشر لا يلحق إلا ببعضهم ، كان إبهام الأفراد الذين يقع عليهم السخط الإلهي أوقع في الإنذار والتخويف ، لأن وصفهم على إبهامه يقبل الانطباق على كل واحد من القوم ، فلا يأمن أحدهم أن يمسه هذا العذاب " [1] .
خامسا : العنكبوت والدعوة حذرت الدعوة الخاتمة من سلوك سبيل الذين كفروا من أهل الكتاب ، لأن الدعوة تقيم وجهها للدين وتتجه بالبشرية إلى الأمام ، وتمدها على امتداد الطريق بالزاد الفطري الذي يحقق السعادة في الدنيا بما يوافق الكمال الأخروي ، بينما تتقدم قافلة الذين كفروا إلى الخلف بزاد عذاب الطمس الذي ضربه الله عليهم بما كسبت أيديهم ، وعلى امتداد هذا الطريق ، كلما بالغ أصحابه في التقدم زادوا في التأخر ، ولن يحصلوا على السعادة الحقيقية أبدا .
.



[1] الميزان : 4 / 367 .

24

نام کتاب : وجاء الحق نویسنده : سعيد أيوب    جلد : 1  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست