نام کتاب : منهج في الإنتماء المذهبي نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 309
لقد شربناها متعطشين ، وارتشفناها والهين ، ولكنها كانت مشبعة بتلك الهالة المصطنعة ، التي أوصدت علينا منافذ الحرية . إني - يا صديقي - قد ورثت مثلكم تلك القناعات ، ولم أكن آلف سواها ، بل إني مما يخالفها لحذر نفور . ولست أنسى كم كنا نحاول الغوص في أعماقها ، حتى إذا تغلغلنا يسيرا ، اصطدمنا بذلك الحاجز الموهوم ، لنرتد على أدبارنا القهقرى ! فكم مرة بلغنا - والحرقة تكوي قلوبنا ، والدمعة لها بريق في أعيننا - أن نقول : إن الإمام عليا كان مظلوما . لقد قلناها كلنا غير مرة ، ولكننا لم نتمكن - لما في أنفسنا من حواجز - أن نستغرق النظر ، لنعرف مسؤولياتنا تجاه ذلك الظلم ، وتلك الظلامة ! لقد أنستنا تلك الحواجز أننا مؤمنون ، علينا أن نتحرى الحق فنتبعه ، ونلتزم الموقف السليم الذي ينجو بنا يوم الموقف العسير ! ورجائي أن لا أكون مؤاخذا عندك إن قلتها ، فهي حقيقة حاكمة مهما حاولنا التنكر لها ، إنها العصبية والكبرياء ، هي التي تحجبنا عن تبني الموقف الشرعي أينما وجدناه . ولسنا أول المنهزمين أمامها ، فلقد قهرت من هم أشد منا قوة ، وأكثر جمعا ! ولعل من بينهم : أبو حامد الغزالي ، الذي قال مرة - معتقدا بصحة ما يقول - : ولكن أسفرت الحجة وجهها ، وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته صلى الله عليه وآله وسلم في يوم غدير خم ، باتفاق الجميع ، وهو يقول : " من كنت مولاه فعلي مولاه " . فقال عمر : بخ بخ لك يا أبا الحسن ، لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة . فهذا تسليم ، ورضى ، وتحكيم . ثم بعد هذا غلب الهوى بحب الرئاسة
309
نام کتاب : منهج في الإنتماء المذهبي نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 309