نام کتاب : منهج في الإنتماء المذهبي نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 25
فالوحدة بهذا المستوى من الأهمية ، قضية يجب حمايتها والحرص عليها في كل قول وفعل ، ولا شك في أن من تغافل عن ذلك فقد وقع في التقصير . فمن المسلم به إذن : أن الشارع المقدس لن يرتضي لأحد أي عمل من شأنه أن يقدح بهذه المسؤولية الشرعية . ولكن ، من المسلم أيضا بين المسلمين ، أنه جل جلاله لن يرتضي لعبده المكلف أن تكون حجته في تدينه وانتمائه المذهبي : ما وجد عليه آباءه ! إذن ليس أمام هذا العبد المكلف المسؤول إلا أن يتعاهد مسؤوليته بالبحث والدرس والتحقيق ، على قدر استطاعته ، ليكون قد اتخذ موقفه ، وحدد التزاماته عن وعي وإدراك حقيقيين . وإذا كان كذلك ، فثمة مسألة أخرى لا بد من الإشارة إليها : ففي منهج البحث العلمي ، هل سيكون الباحث ملزما تأييد وموافقة كل ما تتبناه المذاهب الإسلامية ، على اختلافها ؟ فينبغي له أن يكون - تحت عنوان حفظ الوحدة الإسلامية - مؤيدا لكل الفروع والتفاصيل التي تعترض طريق البحث ؟ إن شيئا من هذا الإلزام سوف لا يبقي على أي معنى للبحث والنظر ، بل سيبطلهما من الأساس . فالبحث العلمي إنما يتوخى الحقائق المجردة عن أية مواقف مسبقة ، وأية اعتبارات أخرى تصرفه عن مساره ، وهذا محال مع وجود ذلك الإلزام . فليس من الصحيح إذن أن نطالبه بموافقة الجميع ، حتى فيما اختلفوا فيه ، بحجة تجنب الخلاف والفرقة ، بل إن فكرة كهذه ستكون مصدر أخطار على الوحدة بين المسلمين قد لا يوازيها خطر يأتي من عمل عدائي مقصود ! لأن هذا الفهم يعني بالنتيجة : أن علينا أن نحتفظ بكل تلك الخلافات وبأسبابها ودواعيها أيضا إلى الأبد ، لأنها كلها كانت آراء رجال السلف
25
نام کتاب : منهج في الإنتماء المذهبي نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 25