نام کتاب : منهج في الإنتماء المذهبي نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 21
وهذا يقابله تعصب مماثل ضد ما نراه لدى الأطراف الأخرى . ومن المهم أن أؤكد هنا أني لا أعني مفهوما بالذات ، أو طائفة من المسلمين دون غيرها ، ولا فردا دون آخر ، بل أريد تلك الظاهرة التي أضحت ( مرضا ) نفسيا أرسى جذوره في أعماقنا ، أفرادا وجماعات ، حتى أصبحت معظم التقاليد التي نسبت إلى المذهب ، وألصقت به وهي ليست منه ، حاكمة حتى على النص الشرعي الثابت لدينا . فرحنا نلجأ إلى تحوير كل نص لا ينسجم مع هذا التقليد ، أو ذلك الرأي وصياغته بحسب قوالب صنعناها نحن بأيدينا ، وإن كانت لا تمت إلى الدين بصلة ، ولكنها ارتقت في أذهاننا إلى مستوى الشعائر المقدسة ، فأصبح مجرد الإشارة إليها أمرا يثير المشاعر ، ويؤجج فينا نار الغضب . ولهذا نجد أن علماء المذهب نفسه لا يجرأون على استنكارها ، أو وعظ أصحابهم بتخفيف شدة تمسكهم بها ، ولو تجرأ أحدهم على شئ من ذلك ، لنبذه أتباعه في الحال ، ولأصبح بينهم عرضة لألوان الشتائم والمطاعن ، وربما بلغ الأمر إلى رميه بالزندقة والنفاق ، ولو كان أتقى الأتقياء ! ولنتذكر مرة أخرى أن من الخطورة بدرجة أن يميل كل منا للاستفادة من هذه الإشارات في توجيه التهم إلى الآخرين ، على أنها من مزاياهم وحدهم فإن هذا الأسلوب هو تجسيد كامل للعصبية ، كما أنه سوف يبقي على كل معايبنا وأخطائنا ، ثم يعود بنا إلى عمق مصيبتنا . إنما المطلوب منا أن نفتش عن تلك الظواهر في أنفسنا نحن لننتزعها من قلوبنا وعواطفنا ، ونتخلص من آثارها . فلو امتلكنا مثل هذه الروحية ، لاقتلعنا كل جذور الخلاف ، واكتسحنا كل الآثار السلبية المترتبة عليه . والآن ، لعلي أصبحت قادرا على أن أطرح على نفسي السؤال الآتي :
21
نام کتاب : منهج في الإنتماء المذهبي نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 21