نام کتاب : منهج في الإنتماء المذهبي نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 19
بل يندفع من الداخل لأن يكون متفوقا ، ويهرب من أي نوع من أنواع التراجع ، حتى لو كان تراجعا أمام الحق ، وأمام الحكم الشرعي وهو لأجل إرضاء هذه الرغبة ، يطرح في المقابل آراء وحججا ليقتنع بها ويجعلها في النهاية سدا منيعا دون الدخول في أية محاولة للمناقشة الجادة ، والحوار والمتابعة . وعندما تكون تلك الهواجس متفوقة لديه جدا ، فإنه سيكتسب قناعات شديدة بكل ما من شأنه قطع السبيل إلى ميادين التفكير الحر ، ويجعل أي شئ من هذا القبيل بمثابة الأمر المحرم ، الذي يجب إنكاره كليا . ثم كيف نفسر وجود هذه العقد النفسية المتراكمة فينا تراكما جعل أحدنا يرى أن مجرد اقترابه من الآخر يعد مستوى من مستويات الهزيمة ، أو الضعف العقائدي ، أو أنه مجاملة على حساب المبادئ ! ومن منا ينكر ظاهرة الانكماش النفسي المفاجئ ، والنفور غير الإرادي التي فرضت نفسها حتى على الكثير ممن جاء ليعالج هذا الداء العضال ، ويرسم حدود هذه المشكلة المستعصية في الأمة ؟ فحتى الكثير من هؤلاء ينزلق من حيث لا يشعر ، فيمارس مرة أخرى تجسيد تلك الروحية ، وتعميق تلك الحواجز النفسية التي سيكون لها هنا آثار أكثر سلبية حتى من تلك البحوث التي تكرس أصلا لتعميق الخلاف ، وإحياء الروح الطائفية ، وذلك لأنها ستوحي للقارئ بأن هذه الظاهرة هي بمستوى الحقيقة التي تأصلت في النفوس ، وأصبحت جزءا لا يتجزأ من عقائدنا وعواطفنا ، وعند هذا يصبح مجرد مناقشتها أمرا مخالفا للطبع ، وليس له موضع بيننا على الاطلاق . ومن أبرز الأمثلة على هذا النمط ، ما نجده عند بعض من كتب في الدفاع عن الوحدة الإسلامية ، متحمسا ضد الطائفية ومروجيها ، ثم إذا أراد
19
نام کتاب : منهج في الإنتماء المذهبي نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 19