نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 91
ولقد كانت الأحكام والفرائض والحدود والسياسات الإسلامية قائمة ومقامة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يشذ منها شاذ . ثم لم تزل بعد ارتحاله صلى الله عليه وسلم تنقص وتسقط حكما حكما - كما سنبين - يوما فيوم بيد الحكومات الإسلامية . ولم يبطل حكم واحد . إلا واعتذروا قائلين : إن الدين إنما شرع لصلاح الدنيا وإصلاح الناس ، وما أحدثوه أصلح لحال الناس اليوم ، حتى آل الأمر إلى أن يقال : إن الغرض الوحيد من شرائع الدين . إصلاح الدنيا . والدنيا اليوم لا تقبل السياسة الدينية ولا تهضمها . بل تستدعي وضع قوانين ترتضيها مدنية اليوم . وإذا تأملت في هذه وأمثالها . وهي لا تحصى كثرة . وتدبرت في قوله تعالى : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ) لم تشك في صحة ما ذكرنا . وقضية بأن هذه الفتن والمحن التي سقطت على المسلمين لم يستقر قرارها إلا من طريق اتباع المتشابه وابتغاء تأويل القرآن ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثر ما أتخوف على أمتي من بعدي رجل يتأول القرآن يضعه على غير مواضعه . ورجل يرى أنه أحق بهذا الأمر من غيره " [1] . إن الذي تخوف منه الرسول ما جاء إلا على أكتاف الذين ساروا في موضع غير الموضع . ورأوا أنهم أحق بتحديد العلامات على طريق طويل . ومن العجيب أن الذي يقف في أول الطريق لا يرى ما هي نتيجة مقدمته في نهاية الطريق . أما الذي يقف في نهاية الطريق . عند النتيجة . فإنه يرى المقدمة بمنتهى الوضوح . إن الأمة إذا كانت هي الأولى بتحديد قافلتها التي تقودها إلى الصراط المستقيم ، لا بد أولا أن تكون على علم بمن يقفون تحت سقفها . ولا بد ثانيا أن تعلم كتابها بالعلم الذي يستقيم معه . ومن آيات الله وأحاديث رسول الله الصحيحة تبين أن داخل الأمة دوائر متعددة لمؤسسات الصد عن سبيل الله .
[1] رواه الطبراني في الأوسط ( كنزل العمال 200 \ 10 ) .
91
نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 91