نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 70
صرف المؤمنين عنهم ليأمنوا الذم ، فأمر جل شأنه بالإعراض عنهم لأنهم رجس ولا ينبغي لنزاهة الإيمان وطهارته ، أن يتعرض لرجس النفاق والكذب ، وقذارة الكفر والفسق . وأخبر تعالى ، إنكم إن رضيتم عنهم ، فقد رضيتم عمن لم يرض الله عنه . أي رضيتم بخلاف رضا الله ، ولا ينبغي لمؤمن أن يرضى عما يسخط ربه . فهؤلاء الذين لم يرض عنهم الله بنوا مسجدا لهدف ، قال تعالى : * ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد أنهم لكاذبون ) * [1] . قال المفسرون : بين الله تعالى أهداف هذه الطائفة من المنافقين في اتخاذ هذا المسجد وهو : * الإضرار بغيرهم * والكفر * والتفريق بين المؤمنين * والإرصاد لمن حارب الله ورسوله . والقصة التي اتفق عليها أهل النقل : إن رجلا يقال له أبو عامر الراهب كان يعيش بالمدينة . وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة فارا إلى كفار مكة ، يمالئهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان ذلك بعد غزوة بدر ، فاجتمعوا بمن وافقهم من أحياء العرب ، وقدموا يوم أحد . وقام أبو عامر بحفر حفر بين الصفين ، وقع في إحداهن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأصيب ذلك اليوم . فجرح وجهه الشريف . وشج رأسه صلى الله عليه وسلم . ولما فرغ الناس من أحد ، ولم ينل المجرمون من النبي ودعوته شيئا ، ذهب أبو عامر إلى هرقل ملك الروم ، يستنصره على النبي صلى الله عليه وسلم . فوعده ومناه ، فكتب إلى جماعة من أهل النفاق والريب يعدهم ويمنيهم إنه سيقدم بجيش يقاتل به رسول الله ويغلبه ويرده عما هو فيه . وأمرهم أن يبنوا له معقلا يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده ، ويكون مرصدا له إذا قدم عليهم بعد ذلك . فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء ، وفرغوا منه قبل خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى