نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 451
رأينا أن كل فريق انتقى من على أرضية الصحابة وأبناء الصحابة قدوة له فأخذ منهم دون تمحيص وانطلق في أثره . وقد تكون القاطرة تسير على قضبان الفتنة فيركب فيها الراكبون وهم لا يعلمون أنهم بركوبهم هذا يكونون قد شاركوا في الفتنة التي لم يشهدوها . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها كمن غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها " [1] ، فهو مشارك في الإثم وإن بعدت المسافة بينهما [2] . ودواء هذا الداء لا يكون بتلجيم العقل والسير على طريق الاحتناك الذي ترفرف عليه أعلام الزينة والزخرف والإغواء . وإنما يكمن العلاج في العلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن الفتنة تجيئ فتنسف العبادة نسفا وينجو العالم منها بعلمه " [3] . فالفتنة إذا كانت في المقدمة يقع فيها الذين شاركوا فيها والذين جاءوا من بعدهم . بمعنى أن الفتنة لا تصيب الذين ظلموا خاصة وإنما تصيب الذين ركبوا القاطرة التي تسير على قضبان هذه الفتنة ، أما العالم فإنها لا تصيبه عند المقدمة لأن عند المقدمة شهود . فشاهد عليه علامة تقول : " تقتله الفئة الباغية " وشاهد عليه علامة " تنبحها كلاب الحوأب " وشاهد عليه علامة " بأنه أصدق لهجة " ، وآخر عليه علامة زيد وما زيد . . . وكثير كثير . والعالم لا تصيبه الفتنة عند النتيجة لأنه ينجو منها بعلمه بأحداثها وموطن الحق فيها . وفتنة المقدمة ما وقعت إلا بعد أن اختار الناس لأنفسهم في جو من الأحداث لا نعلم عنه إلا القليل . فهناك من أبى أن تكون الخلافة والنبوة في بيت واحد . لأن هذا يعني أن بني عبد شمس من دون خلق الله جميعا لن يكون لهم ركوبة في جاهلية أو إسلام . لقد كانت الأبواب مغلقة بمفاتيح الدعوة ولكنها فتحت بمفاتيح الفتنة . ومن عدل الله تعالى أنه أقام الحجة على الجيل الأول في
[1] رواه أبو داود حديث رقم 4323 . [2] عون المعبود 501 / 11 . [3] رواه أبو داوود وأبو نعيم والرافعي ( كنز العمال 150 ، 178 / 10 ) .
451
نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 451