نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 40
وتباغضهم وتدابرهم . فحمل بعضهم بغض البعض الآخر ، على مخالفته في جميع أقواله وأفعاله وإن كانت حقا [1] . وقيل : اختلاف أهل الكتاب في الدين مع نزول الكتاب الإلهي عليهم ، لم يكن عن جهل منهم بحقيقة الأمر ، بل كانوا عالمين بذلك . وإنما حملهم على ذلك بغيهم وظلمهم من غير عذر ، وذلك كفر منهم بآيات الله المبينة لهم حق الأمر وحقيقته . لا بالله ، فإنهم يعترفون به ، ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ، يحاسبه سريعا في دنياه وآخرته أما في الدنيا فبالخزي وسلب سعادة الحياة عنه . وأما في الآخرة فبأليم عذاب النار ، والدليل على عموم سرعة الحساب للدنيا والآخرة قوله تعالى بعد آيتين : ( أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين ) [2] . وإذا كان البغي قد أثمر شجرة الاختلاف . فإنه أثمر أيضا شجرة الافتراق ، قال تعالى : ( وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ) [3] . قال المفسرون : أي وما تفرق الناس الذين شرعت لهم الشريعة باختلافهم وتركهم الاتفاق ، إلا حال كون تفرقهم آخذا أو ناشئا من بعد ما جاءهم العلم بما هو الحق ظلما أو حسدا تداولوه بينهم [4] . وقال ابن كثير : أي إنما كان مخالفتهم للحق بعد بلوغه إليهم وقيام الحجة عليهم . وما حملهم على ذلك إلا البغي والعناد [5] . إن الشيطان ينشط في تربة العلم ، حيث القافلة الأولى . فإن استطاع أن يدق له وتدا أو ينصب له خيمة ، ضمن البغي والاختلاف والفرقة . ومن هذه الأشجار سيأكل كل قادم ملجم العقل من بني الإنسان تحت لافتات عدة تزينها سنة الآباء الأوائل ، التي يدافعون عنها حتى ولو خرجت منها رائحة الفواحش .
[1] تفسير ابن كثير : 354 \ 1 . [2] تفسير الميزان : 121 \ 3 . [3] سورة الشورى : الآية 14 . [4] الميزان : 31 \ 18 . [5] تفسير ابن كثير : 109 \ 4 .
40
نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 40