نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 39
ثانيا : النور والسحب الداكنة على امتداد المسيرة الإنسانية ، أقام الله تعالى حجته على خلقه بإرسال الأنبياء والرسل ومعهم الهدى . وعلى امتداد نفس المسيرة والشيطان وأولياؤه يعملون من أجل الضلال والنار ، وبعد رحيل النبي المؤيد بالوحي ، ينشط الشيطان وتلاميذه في العمل على أرضية الصدر الأول في كل رسالة ، وذلك لأن هذه التربة تعتبر مخزنا هاما تستمد منه الأجيال وقودها الذي تنطلق به إلى المستقبل ، فالشيطان إذا دق شذوذا في الأرضية الأولى ، ضمن لهذا الشذوذ قداسة على امتداد المسيرة البشرية . ومن أجل هذا تنشط حركته على امتداد هذه المساحة ، وبالرغم من أن هذه المساحة تكون مشبعة بالعلم ، إلا أن الشيطان يواجه هذا العلم دائما بالبغي ، وما يلبث الذين يفي قلوبهم مرض أن يهيمنوا ببغيهم الذي يغذيه الزخرف والتزيين والإغواء ، فبهذه التغذية يتراجع العلم ويعبر البغي إلى عالم الفتن . ولقد أخبرنا الله في كتابه أن الاختلاف بعد الرسل ما جاء إلا بعد أن أقيمت عليهم الحجة بالعلم ، وهذا الاختلاف ما ترعرع إلا على تربة البغي التي يترتب عليها العقاب * ( وما اختلف أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ) * [1] . قال المفسرون : أي بغي بعضهم مع بعض ، فاختلفوا في الحق لتحاسدهم