نام کتاب : معالم الفتن نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 180
محمد رسول الله . فما هو هذا الحكم الذي وأكبه تهديد من الله تعالى إذا لم يبلغ ؟ قال المفسرون : لم يصرح القرآن باسم هذا الشئ الذي أنزل على النبي من ربه . وعبر عنه بالعنت وإنه شئ أنزل إليه . إشعارا بتعظيمه ودلالة على أنه أمر ليس فيه لرسول الله صنع ولا له من أمره شئ . ليكون هذا البرهان على عدم اختيار من النبي في كتمانه وتأخير تبليغه . ويكون له عذر في إظهاره على الناس . وتلويحا إلى أنه مصيب في ما تفرس منهم وتخوف عليه . وإيحاء إلى أنه مما يحب أن يظهر من ناحيته صلى الله عليه وآله وبلسانه وبيانه . هذا عن الحكم . أما قوله تعالى : ( والله يعصمك من الناس ) [1] ، قال المفسرون : أخذ لفظ الناس . اعتبارا بسواد الأفراد . الذي فيه المؤمن والمنافق والذي في قلبه مرض . وقد اختلطوا من دون تمايز ، فإذا خيف خيف من عامتهم . والعصمة في الآية . بمعنى الحفظ والوقاية من شر الناس المتوجهة إلى النبي أو مقاصده الدينية أو نجاح تبليغه . والذي يجب أن تذكر به إن طريق تبوك في العام التاسع الهجري . أنتج جماعة من اثني عشر رجلا ، أخبر الحديث الصحيح أنهم لن يدخلوا الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وإنهم حرب على الله وعلى رسوله في الحياة الدنيا ( 1 ) ، وأن الطريق من حجة الوداع إلى المدينة وزمنه ومكانه ضمن الحياة الدنيا . . . وآية سورة المائدة التي نحن بصددها . ذهب في أسباب نزلها إلى كل مذهب . فهناك من قال إنها مكية . وهذا القول لا يلتفت إليه . لأن الآية بتمامها لا تنطبق على الأحداث التي ذكروها . فلم يكن من شأن اليهود ولا النصارى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم . أن يتوجه إليه من ناحيتهم خطر يجعله يمسك عن التبليغ أو يؤخره إلى حين . ولم يكن من شأن كفار قريش ومشركي مكة أن يفعل النبي ذلك أيضا . وهم أغلظ جانبا وأشد بطشا وأسفك للدماء