بأسلوب جذاب أخذ بعاطفة الأنصار ، فقسمهم شطرين ، وبهذا أخذ بزمام القوم ، فإنه ذكر فيه أولا " ما للمهاجرين من فضل وسابقة في الإسلام ، بأنهم أول من عبد الله في الأرض ، وآمن بالله وبالرسول ، وأنهم أولياؤه وعشيرته ، وأحق الناس بهذا الأمر - أي الخلافة - من بعده ، وأن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش ، وأنهم لا ينازعهم في ذلك إلا ظالم . ثم خاطب الأنصار ، فلم يغمط حقهم وسابقتهم وجهادهم ، لكن . . . لكن من غير استحقاق لهذا الأمر ، وإذا استحقوا شيئا " ، فإنما هي ( الوزارة ) . . . ولغيرهم . . . ( الإمارة ) ، فقال : وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلكم في الدين ، ولا سابقتكم العظيمة في الإسلام ، رضيكم الله أنصارا " لدينه ولرسوله ، وجعل إليكم هجرته ، وفيكم جلة أزواجه وأصحابه ، فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم ، فنحن الأمراء ، وأنتم الوزراء ! ! [1] وفي البيان الشئ المدهش من إطفاء نار عواطفهم المتأججة ضد المهاجرين ، وإشباع نهمة نفوسهم الفخورة المتطاولة بفضلهم وجهادهم ونصرتهم ، وتقريبا إلى المهاجرين للاعتراف بفضلهم عليهم لأنه ليس
[1] { تاريخ الطبري : 3 / 208 } ، قال المؤلف : إن الخليفة وإن وعد الأنصار بالوزارة غير أنه لم يف إليهم بشئ من الوعد ، وإنما أتى بما أتى به تخديرا " لأعصابهم وتسكيتا " لثورتهم ، الله أكبر ما أدهاك يا ابن أبي قحافة ! !