أقوى على تخدير أعصاب الجماعة الهائجة من الذهاب مع تيار روحهم ، المندفعين بها ، فأعطى لهم ما يسألون بلسان حالهم من الاعتراف بالفضل والجهاد ، وكل فخر يشعرون به متطاولين . حقا " لقد صدق وصدقوا ، فإن لهم الفضل الذي لا ينكر ، ولكنهم أخطأوا بزعمهم أن لهم بذلك حق الإمارة . وهنا نجد أبا بكر يريد أن يحولهم عن هذا الزعم ، فيحذر أن يخدش عواطفهم بما ينقص منزلتهم ، ويحط من مقامهم ، فعدل عن التصريح بكلمة الخطأ أو ما ينسق عليها من معناها ، واتبع أسلوبا " آخر من البيان ، وإنه لمن السحر المأثور ، فلم يزد على كلمة : ( فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم ، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء ) وفيها تنبيه على خطأهم من طرف خفي من دون التجاء إلى الكلمة التي بها تجرح عواطفهم ، وتثير الحزازات ، مع الثناء عليهم في نفس الوقت ، ثم إثبات الوزارة لهم [1] . نقاش المهاجرين والأنصار بعد أن أنهى أبو بكر خطابه ، لم يرد عليه إلا الحباب بن
[1] قال المؤلف : وإن أردت تفصيل ذلك بأسلوب رائع جذاب ، فعليك بمراجعة كتاب ( السقيفة ) ص 126 - 132 للحجة فقيد الإسلام الشيخ محمد الرضا المظفر ، ونحن أتينا بشئ يسير منها أيضا " .