" من أراد الله به خيرا فقهه في الدين " . وقول الشيعة هذا لا يختلف عن قول أهل السنة والجماعة ، إلا في شرط حياة المجتهد . غير أن الخلاف الواضح بينهم هو في العمل بالتقليد إذ أن الشيعة يعتقدون بأن المجتهد الجامع للشروط المذكورة ، هو نائب للإمام عليه السلام في حال غيبته فهو الحاكم والرئيس المطلق ، له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس ، والراد عليه راد على الإمام . فليس المجتهد الجامع للشروط عند الشيعة مرجعا يرجع إليه في الفتيا فحسب ، بل أن له الولاية العامة على مقلديه فيرجعون إليه في الأحكام والفصل بينهم في ما اختلفوا فيه من القضاء ، ويعطونه الزكاة وخمس أموالهم يتصرف بها كما تفرضه عليه الشريعة نيابة عن إمام الزمان ( عليه السلام ) . أما عند أهل السنة والجماعة فليس للمجتهد هذه المرتبة ، ولكنهم يرجعون في المسائل الفقهية لأحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب ، وهم أبو حنيفة ومالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، والمعاصرون من أهل السنة قد لا يلتزمون بتقليد واحد من هؤلاء على سبيل التعيين ، فقد يأخذون بعض المسائل من أحدهم والبعض الآخر من غيره حسبما تقتضيه حاجتهم كما فعل ذلك السيد سابق الذي ألف فقها مأخوذا من الأربعة . لأن أهل السنة والجماعة يعتقدون بأن الرحمة في اختلافهم فللمالكي مثلا أن يأخذ برأي أبي حنيفة إذا وجد حلا لمشكلته قد لا يجده عند مالك . وأضرب لذلك مثلا حتى يتبين للقارئ فيفهم المقصود كان عندنا في تونس ( في وقت المحاكم القضائية ) فتاة بالغة أحبت رجلا وأرادت الزواج منه ، ولكن أباها رفض أن يزوجها من هذا الشاب لسبب " الله أعلم به " فهربت الفتاة من بيت أبيها وتزوجت ذلك الشاب بدون إذن أبيها ، ورفع الأب شكوى ضد الزواج .