نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 50
القاطع ، واستحق بذلك مقام الأسوة ، فلا بد من معيار لمعرفة الصحابة غير معيار الصحبة ، حتى تميز الحق عن الباطل والصالح عن الطالح . إن الصحبة والمشاهدة لا تعطيان أحدا مزية لأحد ولا تمنحانه عصمة ، وهذا هو النبي ( صلى الله عليه وآله ) يؤكد ذلك بقوله : " وإن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم إلى ذات الشمال ، فأقول : أصحابي أصحابي . فيقال : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم " [1] . ونحن نعلم بعد أن الفتن والاختلافات قد عصفت بالحصابة قبيل وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، واستمرت بعده . كما نعلم أيضا أن الحق لا يمكن أن يكون عند كل الأطراف المتناحرة والمتخالفة ، والصحبة قد وصف بها الجميع ، فهم مشتركون في الصحبة مختلفون في الحق ، فهل سنهتدي بهذه الصحبة إلى الحق والصواب في خضم الفتن والاختلافات ؟ أعد البصر إلى الحديث المذكور كرتين ترى أن الذين أخذوا إلى ذات الشمال صحابة ، فهل لهم من العدالة شئ ؟ إذا فمن هم هؤلاء ؟ ! لا يستطيع أحد أن يحددهم ، ولهذا لا يمكن أن يأمرنا نبي الإسلام والهدى أن نقتدي بأي كان من الصحابة ، ولا يمكن أن يجعلنا نلتمس سبيل الهداية بين صحابة ضموا في أوساطهم منافقين مخفيين ، وصحابة مرتدين ، وآخرين محدثين في الدين . أخرج البخاري عن العلاء بن المسيب ، قال : " لقيت البراء بن عازب ، فقلت له : طوبى لك ، صحبت النبي ( ص ) وبايعته تحت الشجرة ، فقال : يا ابن أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده " ! [2] . إذا فالصحبة والبيعة لا تحول بين الإنسان والإحداث والابتداع ، ولا تعصمه من الأخطاء ، لأنه من الممكن أن يكون المبايع للنبي ( صلى الله عليه وآله ) في لحظة البيعة مؤمنا صادقا ، ولكن ليس هناك مانع من انتفاء هذه الحال عنه في أي وقت آخر ، فيذنب ويرتد ويحدث في أمر الدين ، والإيمان يزيد وينقص وينعدم كما هو معروف . إن الاتباع الحقيقي والطاعة الخالية من التردد والمسألة ، والملازمة اللصيقة
[1] صحيح البخاري 4 : 110 - كتاب بدء الخلق ، باب قول الله تعالى ( واتخذ الله إبراهيم خليلا . . . ) . [2] صحيح البخاري 5 : 125 - باب غزوة الحديبية - طبعة مصر على النسخة الأميرية 1314 .
50
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 50