responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين    جلد : 1  صفحه : 49


قلت : وما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا أرى يخلص منهم إلا مثل همل النعم " [1] .
إن المتدبر في هذا الحديث يستيقن أن كثيرا من الذين وصفوا بالصحابة ومنحوا هذه العدالة ارتدوا بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) القهقرى . وبالتأكيد لم يكن هؤلاء منافقين ، لأن الارتداد يكون بعد إيمان ، والمنافقون لم يكن لهم إيمان حتى يرتدوا بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) إذ أنهم لم يؤمنوا حتى في زمان النبي ( صلى الله عليه وآله ) . ثم إنهم لا يجب أن يقال هم الذين ارتدوا في أواخر حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ذلك لأن المرتدين في زمانه لم يكن النبي ( صلى الله عليه وآله ) يجهل ردتهم حتى يأتي ويقول عندما يراهم قد حيل بينهم وبينه وأخذوا إلى النار : أين ؟ فيقال له : إلى النار والله ، فيقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما شأنهم ؟ . . فهو لم يعلم ماذا فعلوا في حين أنه كان يعلم بالمرتدين في حياته . ثم إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : " فلا أرى يخلص منهم إلا مثل همل النعم " ، وهذه إشارة إلى كثرتهم وقلة الناجين منهم حتى وصفهم بهمل النعم ، أي الإبل القليلة التي تنفصل عن القطيع ، في حين أن المرتدين في زمانه لا يزيدون على عدد الأصابع .
نخلص من هذا إلى أن من بين الصحابة - وكثير ما هم - قد ارتدوا بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) . ولا أحد يعلم من هم ، وبالتالي لا يستطيع أن يصرف عنهم العدالة لثبوت الصحبة لهم . فهذه معضلة بلا شك يبطل على إثرها حديث " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " .
وفي رواية : يقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : " ليردن علي أناس من أصحابي الحوض ، حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني ، فأقول : أصحابي ! فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك " [2] .
إذا فلا بد أن نصرف النظر عن اعتبار الصحبة معيارا للعدالة وسببا للاقتداء والهداية ، وإلا فسنقع في شراك أولئك المرتدين الذين منعوا ورود الحوض وأخذوا إلى النار ، مع العلم أنهم ليسوا معروفين وقد شملتهم الصحبة التي فرض أنها موجبة للعدالة .
فالإنسان طالما هو المسؤول وحده عن أعماله وأفعاله ، وهو الذي يواجه بنفسه مصيره في اليوم الآخر ، فلا بد أن يحرص على أن يأخذ أمور دينه ممن عرفت عدالته بالدليل



[1] صحيح البخاري 7 : 208 - كتاب الرقاق ، باب الحوض .
[2] نفس المصدر السابق .

49

نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين    جلد : 1  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست