نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 228
الناس عن أذيتهم بهذا المعنى الساذج الذي اختاره ابن تيمية ضمنيا ، وأذية أهل البيت لا يجب أن نفهمها مقتصرة على ما يمسهم بالذات في نفوسهم ، ولا تنحصر بما يضر بأبدانهم فحسب ، بل إن ما يؤذي أهل البيت أكثر ، وبالمعنى الأبلغ ، هو عدم اتباع الناس لهم ، باعتبارهم يعلمون - كما علموا من النبي صلى الله عليه وآله - إنهم سفينة نجاة الأمة إذا اتبعوهم ، وبهم هدايتهم إذا اقتفوا آثارهم ، وسيصيب الناس الضلال إذا ما خالفوهم . فأهل البيت كالنبي صلى الله عليه وآله في حرصهم على نجاة الناس وهدايتهم ، وكالنبي صلى الله عليه وآله في رأفتهم بالمؤمنين ورحمتهم بهم . . ولهذا ، فهم يألمون إذا خالفهم الناس ، ويتأذون إذا لم يتبعوهم ، وهذه أكبر أذية لهم من الناس . فاسمع كيف يتألم العترة علي عليه السلام من مخالفة القوم له ، وهو يتعجب من ذلك أشد العجب : " فيا عجبي ! وما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ؟ ! لا يقتصون أثر نبي ، ولا يقتدون بعمل وصي " ( 1 ) . ونحن نعلم أن مفارقة الناس ومخالفتهم لأهل البيت يؤلم العترة بلا ريب . ولما فهم من قوله : " أذكركم الله في أهل بيتي " وجوب تجنب إيذائهم ونهي النبي صلى الله عليه وآله الناس من إيلامهم تحتم إذا اتباعهم ، لأن المخالفة تؤذيهم بلا شك ، وإيذاؤهم ممنوع بالنصوص ، فإنه لا يمكن أن تفرح الزهراء بمخالفة الناس لأمير المؤمنين علي عليه السلام ، بل يشتد غضبها ، وغضبها غضب النبي صلى الله عليه وآله ، وغضبه غضب الله بلا ريب . . فلا حل لهذا إلا الاتباع الصادق لعترة النبي صلى الله عليه وآله . ونسأل شيخ الوهابية وأتباعه : ماذا أراد النبي صلى الله عليه وآله أن يكتب للناس عندما قال لهم : " هلم - أو قربوا - أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده " ؟ ! لو كان النبي صلى الله عليه وآله آمرا باتباع القرآن وحده فلم أخرج الناس من حجرته غاضبا لما قالوا : عندنا القرآن ، حسبنا كتاب الله . . وقال لهم قوموا ؟ ! فماذا أراد أن يكتب لهم في ذلك الوقت ؟ بالتأكيد لم يكن النبي الكريم يريد كتابة وتدوين السنة ، فهو إن لم يكتبها لهم في
1 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 145 - الخطبة رقم 84 .
228
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 228