نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 184
لإقناع أنفسهم أيضا بما ظنوا وحسبوا ، لو يغنيهم الظن عن الحق شيئا . غير أن أبا حفص يدحض مزاعم هؤلاء فيما ادعوه من الشورى ، فقد قال أيام خلافته : " كانت بيعة أبي بكر فلتة فتمت ، وإنما كانت كذلك ، إلا أن الله قد وقى شرها . فمن بايع رجلا من غير مشورة المسلمين فإنه لا بيعة له " ( 1 ) . فعمر إذا ، يحذر من تكرار بيعة أبي بكر التي كانت فلتة من غير مشهورة ، تحمل في طياتها الشر المستطير لولا لطف الله بعباده . وهذا لعمري هو الحق ، إذ قد سلت السيوف وكادت أن تقع الفتنة ، وكادوا أن يضربوا عنق الإمام علي عليه السلام ، ذلك أن ما يكون عن فلتة تحفه الفتن والشرور ، فهو لا يمكن أن يكون صادرا عن مشورة يتمخض عنها الرضا والقبول ، أو على أقل تقدير يتمخض عنها الخضوع لرأي الأغلبية ، فلا يكون بعد ذلك فلتة ولا تخشى الفتنة والشرور . ومن هذا نخلص إلى أن النبي صلى الله عليه وآله لم يأمر بالشورى في مسألة اختيار الخليفة من بعده ، وإلا لما حدث ما حدث من نزاع تمخض عن بيعة فلتة . وعدم أمر النبي صلى الله عليه وآله بالشورى في هذا الأمر لا يستنبط من عدم انتهاج أعضاء السقيفة لها فحسب ، بل يفهم من أن تعيين الإمام وخليفة المسلمين من بعد النبي صلى الله عليه وآله هو أمر من صميم واجبات النبي الكريم ، كما أشرنا إلى جانب من ذلك . ذلك أن النزاع بين الناس في مثل هذا الأمر مغروس في طبيعة وفطرة البشر ، والقومية والقبلية هي التي تلد الناس . فالنزاع إذا ، هو أمر ملازم لأبناء القومية والقبلية . ثم إن الوحي وضع حلا لكل نزاع يجول في نفوس الناس ، ولهذا أمرهم بقوله ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ) ( 2 ) . فلو رد المسلمون موضوع نزاعهم في السقيفة إلى الله والرسول فلا شك أنهم سيجدون حلا لهذا النزاع .
1 - صحيح البخاري 4 : 119 - باب رجم الحبلى إذا أحصنت . 2 - النساء : 59 .
184
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 184