نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 183
حتى بهذه القسمة الضيزى في رأيه ، فقال رافضا إياها : " هذا أول الوهن " ( 1 ) . فهذا سعد إذا لا يرى لأبي بكر وعمر ومن حالفهم حقا في الخلافة ، ولو كان على مستوى الأمير . عندئذ تصدى عمر للدفاع عن حقه بعبارات لم تدع للأنصار حقا يطلب ، فقال : " هيهات ! لا يجتمع سيفان في غمد ! من ذا يخاصمنا سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته ، إلا مدل بباطل ، أو متجانف لإثم ، أو متورط في هلكة ؟ ! " ( 2 ) . ها هو عمر يقطع قول كل خطيب بنفيه الشورى . أجل ، لم يأت عمر إلى السقيفة لمشورة الأنصار ، بل جاء ليدفع كل من يخاصمه منهم في سلطان محمد ! إذا ، فليس للأنصار في هذا الأمر حق حتى يستشيرهم فيه أبو بكر أو عمر ، وكيف يستشيرونهم فيما يرثانه من إرث تركه لهما رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ ! وهل في الإرث استشاره لإثبات حق الوارث فيه ؟ ! ! لا وحاشا ، فالخصم عندهما لا يخرج - وهو ينازع في ميراث محمد - عن حدود ثلاثة . . فهو إما سالك لطريق الباطل ، أو مرتكب للذنب والإثم بأخذه إرث غيره ظلما ، أو معرض نفسه في ذلك للموت والهلاك . إذا ، فلا شورى مع الأنصار يراها عمر ، ولا يثوب الأنصار في نزاعهم في هذا الأمر إلا بالباطل ولا يكون إلا الإثم ولا يحصدون إلا الهلاك . من هذا كله يتضح جليا أن مسألة اختيار الخليفة ، والنزاع الذي دار في السقيفة بسببها لم تبن على أي شورى مقصودة بالأصل في هذا الأمر ، وإنما هو نزاع حدث بين طرفين متخاصمين في أمر مختلف فيه يرى كل طرف منهما الحق إلى جانبه ، ويسعى كل فريق للدفاع عن حقه المهدد بالغصب . إن هذه حقيقة تاريخية حرفت أو لم تفهم على ما كانت عليه ، إذ سعى المؤيدون لما تمخض عن نزاع السقيفة إلى تفسيرها بما يتطابق مع ما أيدوا من نتائج ، فألبسوها ثوب الشورى وهي عنه عارية ، حتى يقفوا أمام مخالفة المعارضين لنتيجة السقيفة ، وربما
1 - تاريخ الطبري : حوادث سنة إحدى عشرة - ج 2 . 2 - تاريخ الطبري 2 : 446 - حوادث سنة إحدى عشرة ، سيرة ابن هشام 1 : 658 .
183
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 183