نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 185
ترك الأمر للناس والشورى الذين يرون أن اختيار الخليفة الأول تم على أساس الشورى يعتقدون بأن هذا الأمر مما يمكن الفصل فيه برأي الناس ، فالشورى ليست سوى الحوار بين الأطراف وإبداء الرأي ، واختيار الصائب في رأيهم من بين الآراء . وهم يستندون في قولهم هذا إلى قوله تعالى : ( وأمرهم شورى بينهم ) و ( وشاورهم في الأمر ) . ولكن بقليل من التدبر وإعمال الفكر يستبين الأمر ويصرح الحق ، ويتضح لهم الخطأ فيما ذهبوا إليه . إن الشورى سواء كانت من قبل النبي صلى الله عليه وآله مع أصحابه ، أو كانت بين الصحابة فيما بينهم . . ولا تفترض إطلاقا إلا في المسائل والأمور التي لم يفصل فيها الوحي ، ولم ينزل فيها نص يبينها أو سنة تفسرها . بل يذهب الأمر أبعد من هذا ، إذ مع حدوث النزاع في أمر من الأمور لا بد من مراجعة الوحي واللجوء إليه ، إذ أنه تبيان لكل شئ . وعلينا أن نعلم أن ذلك الخلاف والاختلاف المتسع بين أفراد الأمة في مسألة الخلافة وإمامة المسلمين - منذ بدئه أيام السقيفة إلى يومنا هذا - يرجع إلى ترك اللجوء إلى الله والرسول لفض هذا النزاع . إذا ، فهو من عند غير الله ، ولذا نشاهد فيه اختلافا كثيرا . وهكذا كل أمر ينفرد الإنسان فيه برأيه ، وهكذا كانت السقيفة وخلافة أبي بكر . وأما من حيث إن خلافة الصديق من صميم الرأي البشري . . فهذا ما يوضحه لنا أبو حفص : قال عمر لابن عباس : " يا ابن عباس ، أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمد ( ص ) ؟ قال ابن عباس : فكرهت أن أجيبه ، فقلت له : إن لم أكن أدري فإن أمير المؤمنين يدريني ! فقال عمر : كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة ، فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا ، فاختارت قريش لأنفسها ، فأصابت ووفقت " ( 1 ) ! فانظر إلى عبارة أبي حفص : " كرهوا " ، وانظر إلى قوله : " فاختارت قريش
1 - الكامل في التاريخ 3 : 64 - حوادث سنة ثلاث وعشرين ، وشرح نهج البلاغة ، سيرة عمر : ص 107 .
185
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 185