نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 112
لرحمته الشديدة بهم ورأفتهم عليهم ، فرحمة النبي صلى الله عليه وآله بالناس وحكمته أوجبت عليه استئلاف قوم ابن أبي بهذه الصلاة ، ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله لم يقصد بهذه الصلاة ابن أبي على وجه الخصوص ، لعلم النبي صلى الله عليه وآله السابق بعدم فائدة الاستغفار له ، وإن بلغ فيه السبعين . على أن النبي صلى الله عليه وآله طبقا لما جاء في الحديث لم ير أن باب الاستغفار قد أغلق ، وأنه قد نهي عن الاستغفار ، فقال : " فلو أعلم إن زدت على السبعين غفر الله لزدت . . . " ، هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى فابن أبي كان يظهر الإسلام . إذا ، فهو من حيث الظاهر معدود من المسلمين ، والرسول بصلاته على ابن أبي لم يخالف الدين في شئ ، كما ظن عمر ، بل أجرى حكم الظاهر في الإسلام فصلى على ابن أبي ومشى خلفه وقام على قبره ، مع العلم أن منع الصلاة على المنافقين لم يصدر إلا بعد الصلاة وتمامها ، كما علم . هذا فيما يختص بشخص ابن أبي وما فعله النبي صلى الله عليه وآله تجاهه ، غير أنه كان للنبي صلى الله عليه وآله حكمة ومرمى آخر لا ينتبه إليه إلا من كانت له فطنة النبوة ، ولهذا لم يدركها عمر ومع عدم إدراكه هذا لم يسلم لنبي الإسلام العظيم ولم يفوض الأمر إليه تبعا للقرآن ، فكان ما كان . فما هي حكمة النبي صلى الله عليه وآله من صلاته على هذا المنافق ؟ يقول ابن حجر : " إنما فعل ذلك له على ظاهر حكم الإسلام واستئلافا لقومه ، مع أنه لم يقع نهي صريح . وروي أنه أسلم ألف رجل من الخزرج " [1] [ والخزرج : هم قبيلة ابن أبي ] . إذا ، فحكمة النبي صلى الله عليه وآله في هذا الفعل هي استئلاف قوم ابن أبي وترغيبهم في الإسلام ، وقد حدث هذا ، إذ أسلم منهم لذلك ألف رجل . . ولهذا أسف أبو حفص وندم ، وقال : " أصبت في الإسلام هفوة ما أصبت مثلها قط ، أراد رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] أن يصلي على ابن أبي فأخذت بثوبه ، فقلت له : والله ما أمرك الله بهذا ، لقد قال لك : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن تغفر الله لهم ) . فقال رسول الله : خيرني ربي ، فقال : ( استغفر لهم
[1] إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري 8 : 423 - كتاب اللباس .
112
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 112