نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 110
فعليه . . إما أن يقبل أن غيرته على الدين تفوق غيرة النبي صلى الله عليه وآله ، أو أن غيرة عمر هذه قد أخرجته عن دائرة اعتبار مقام النبوة ، فصار يرى النبي صلى الله عليه وآله مناقضا أو مخالفا لكتاب الله ! ! ومن عبارته : " أليس نهاك الله أن تصلي على المنافقين ؟ ! " يتضح ذلك جليا ، لأن نهي القرآن عن شئ لازمه مخالفة الذي لا يعمل بهذا النهي . فالقرآن - كما يظن عمر - قد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن الصلاة على المنافقين ، ولكن النبي صلى الله عليه وآله صلى على المنافق ابن أبي . . فيكون بالتالي قد خالف النبي صلى الله عليه وآله القرآن الكريم - كما يظن أبو حفص - ولذا لم يتورع عن جذب النبي صلى الله عليه وآله من ثوبه والاعتراض على صلاته ! ! فهذا إلهام آخر يخبر عمر بمخالفة النبي الكريم للقرآن ، فيبدو النبي صلى الله عليه وآله في هذا الموقف مخطئا ومذنبا ، ويظهر أبو حفص مصيبا موافقا للحق والصواب ! فهل يبقل العقل هذا ؟ ! أم هل يؤيد القرآن ذلك ؟ ! ! ولما اشتد اعتراض عمر على النبي صلى الله عليه وآله في أمر الصلاة قال له النبي صلى الله عليه وآله : " أخر عني يا عمر إني خيرت ، قيل لي : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ) فلو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر الله له لزدت " ، [ فابتعد عمر عن سبيل النبي صلى الله عليه وآله ] فصلى رسول الله عليه ، ومشى خلفه ، وقام على قبره . . . [1] . فكل هذه الأفعال التي أتى بها النبي صلى الله عليه وآله تبدو في نظر عمر مخالفات للقرآن ، ولهذا جذب النبي صلى الله عليه وآله من ثوبه ناهيا إياه عن مخالفة القرآن ، في جرأة لم يتصف بها إلا عمر ، ولكن لم يعبأ النبي صلى الله عليه وآله به ولا باعتراضاته ، فصلى عليه كما رأيت . على أن هذا الأمر كان بعيدا عن إدراك وأفهام عمر ، وذلك لسببين : أولا : من أين لعمر أن النبي صلى الله عليه وآله قد نهي عن الصلاة على المنافقين ، وعلى القيام على قبورهم في ذلك الوقت ؟ ! فالآية التي استدل بها عمر على منع الصلاة على موتى المنافقين والقيام على قبورهم ليس فيها إشارة إلى منع الصلاة عليهم ولا نهي عن القيام على قبورهم ، وإنما تبين عدم فائدة الاستغفار لهم ، ولو بلغ سبعين مرة ، ولهذا قال .
[1] نفس المصدر السابق ، وكنز العمال 1 : 170 / 858 .
110
نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 110