نام کتاب : دعوة إلى سبيل المؤمنين نویسنده : طارق زين العابدين جلد : 1 صفحه : 107
وندم عمر على ما فعل داحضا بذلك تهمة الإلهام التي اتهموه بها ، وقال : " لقد أعتقت فيما دخلني يومئذ رقابا ، وصمت دهرا " ورغم ذلك فعندما يذكر عمر ما صنع حينما يكون في خلوته يشعر بثقل ذنبه ويكون أكبر همه ، ولذا توصل عمر إلى نتيجة قنع بها في اتهام الرأي ، على أن الرأي منعدم في قبالة النص ، ولا سيما في حياة النبي صلى الله عليه وآله ، كما حدث لعمر . ومن عجائب ما ذكره الدحلاني في قول عمر " لقد أعتقت بسبب ذلك رقابا وصمت دهرا " : " وإنما فعل ذلك لتوقفه عن المبادرة بامتثال الأمر ، وإن كان معذورا في جميع ما صدر منه ، بل مأجور ، لأنه مجتهد " ! ! ولله العجب من هذا الكلام ! أيجتهد عمر في أمر صدر من النبي صلى الله عليه وآله في حياته ؟ ! أيعد عدم امتثال عمر لأمر الله ورسوله اجتهادا في وجه النبي الكريم ؟ ! وهل كان لعمر الخيرة من أمره قبال ما قضاه الله ورسوله من قضية الصلح تلك ؟ ! وهل كان عمر يرى التسليم لأمر الله لا يلزمه ؟ ! أم أن عصمة النبي صلى الله عليه وآله ليس لها وزن أمام آراء عمر بن الخطاب ؟ ! أم يا ترى وجد عمر في قوله تعالى : ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) [1] فسحة للرد على النبي صلى الله عليه وآله وعدم المبادرة إلى امتثال أمره وللاجتهاد ضد أوامره ؟ ! وروي أنه عندما لم يقم أحد من الناس للمبادرة بامتثال أمر النبي صلى الله عليه وآله لما قال لهم : " قوموا فانحروا وحلقوا " دخل عليه وآله السلام على أم سلمة [ التي كانت معه يومئذ ] وهو شديد الغضب فاضطجع ، فقالت : ما لك يا رسول الله ؟ ! مرارا ، وهو لا يجيبها ، وذكر لها ما لقي من الناس ، وقال لها : هلك المسلمون ، أمرتهم أن ينحروا ويحلقوا ، فلم يفعلوا " ( 1 ) . فعمر لم يكن مستثنى من الناس في أمر النبي صلى الله عليه وآله بالنحر والحلق ، ولم يقم عمر ، وتثاقل مع الناس في امتثال أمر النبي صلى الله عليه وآله . ولو كان لعمر هذا الثواب بسبب هذا الاجتهاد ضد أوامر النبي صلى الله عليه وآله فلم قال النبي صلى الله عليه وآله لأم المؤمنين : " هلك المسلمون ، أمرتهم أن ينحروا ويحلقوا ، فلم يفعلوا " ؟ ! . .